للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعبد الله، وتزوجت قبل زيد عبيد الحبشي، فولدت له أيمن، فكنيت به.. قال القاضي عياض: لو صح أن أم أيمن كانت سوداء لم ينكروا سواد ابنها أسامة، لأن السوداء قد تلد من الأبيض أسود. قلت - أي ابن حجر -: يحتمل أنها كانت صافية، فجاء أسامة شديد السواد، فوقع الإنكار لذلك (١) .

قلت: فما دام قد ثبت أن أم أيمن كانت من أصل حبشي، فهذا يعني عدم استبعاد أن يكون سواد بشرة أحد أجدادها من جهة الأم أو الأب مثل سواد الحفيد أسامة. وهذا أمر ملاحظ ومعروف جداً في إفريقية، وبخاصة في المناطق التي اختلطت فيها أعراق العرب بأعراق الزنوج أو الحاميين الأفارقة، مثلما في السودان. وهذا من بدهيات علم الوراثة أو الجينات. وبذلك لا حجة لمن يستنكر شدة سواد بشرة أسامة.

إن الذي يهمنا من هذا كله أن زيداً لم يكن شديد السمرة قبيح الوجه كما يزعم بودلي وغيره، بل الذي كان شديد السمرة ابنه أسامة رضي الله عنه، لأن أم أسامة رضي الله عنه كانت حبشية. ويبدو أن بودلي اعتمد على أساتذته المستشرقين الذين اعتمدوا على رواية الواقدي عند ابن سعد (٢) ، حيث يقول: "وكان زيد رجلاً قصيراً آدم شديد الأدمة، في أنفه فطس". وربما أخذ هؤلاء رواية الواقدي بطريق غير مباشر، وبخاصة من ابن عبد البر (٣) .


(١) وعن مسألة سواد أسامة وبياض والده وأمه انظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء (٢/٤٩٨) و (٢/٥٠٧) ابن عساكر، التهذيب (٢/٤٠١) ،.
(٢) الطبقات الكبرى (٣/٤٤) .
(٣) انظر: ابن عبد البر: الاستيعاب (١/٥٧) .

<<  <   >  >>