للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٩- يزعم بودلي (١) أن من أسباب فتح خيبر أن محمداً شاء أن يعوض خيبة الأمل التي فرضها على أصحابه في الحديبية، ورغبته في استخدام جيشه الجديد.

لم نقف على هذا الزعم في المصادر التي بين أيدينا، بل ذكرت ما ذكره بودلي (٢) في مكان آخر في هذا الصدد، وهو أن يهود خيبر ظلوا يؤلفون خطراً أمنياً لدولة الإسلام الناشئة، وبخاصة عندما نزل بعض كبار زعماء بني النضير بخيبر، بعد إجلائهم عن المدينة: سلام بن أبي الحقيق وكنانة بن الربيع ابن أبي الحقيق وحيي بن أخطب. فلما نزلوها دان لهم أهلها. نزلوها بأحقادهم القديمة ضد المسلمين، ولذا كانوا يتحينون الفرص للانتقام، ووجدوا في قريش وبعض قبائل العرب المشركة مطية ذلول للوصول إلى هدفهم، فحملوهم على غزوة الخندق، وسعوا في إقناع بني قريظة للانضمام إليهم والغدر بالمسلمين. وقد وجد حيي بن أخطب داخل حصن بني قريظة حين حاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخرج، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "هل أخزاك الله؟ "، قال: قد ظهرت عليَّ، وما ألوم نفسي فيك، فأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم فقتل (٣) .

وكانت هدنة صلح الحديبية فرصة أمام المسلمين لتصفية هذا المصدر الخطير، ووعد الله المسلمين بمغانم كثيرة يأخذونها إذا فتحوا خيبر، كما أشارت الآية الكريمة: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ


(١) الرسول، ص ٢٤١.
(٢) المرجع نفسه، ص ٢٤١، ولعله تابع هنا شيخه إميل درمنجهم.
(٣) الهيثمي: المجمع (٦/١٣٨ـ١٣٩) ، وقال الهيثمي: في الصحيح بعضه عن عائشة متصل الإسناد؛ عروة بن الزبير: المغازي، ص ١٨٧ـ١٨٨، جمع: الأعظمي.

<<  <   >  >>