للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَعْتُ غَيْرِ واحِدٍ إذا اخْتَلَفْ ... فعاطِفًا فَرِّقْه لا إذا انْتَلَفْ

ــ

بحذف مضاف "فالتزموا الإفراد والتذكيرا" تنبيهًا على ذلك. فقالوا: رجل عدل ورضا وزور، وامرأة عدل ورضا وزور، ورجلان عدل ورضا وزور، وكذا في الجمع أي: هو نفس العدل أو ذو عدل، وهو عند الكوفيين على التأويل بالمشتق أي: عادل ومرضي وزائر.

تنبيهان: الأول وقوع المصدر نعتًا وإن كان كثيرًا لا يطرد كما لا يطرد، وقوعه حالًا وإن كان أكثر من وقوعه نعتًا. الثاني أطلق المصدر وهو مقيد بأن لا يكون في أوله ميم زائدة كمزاد ومسير فإنه لا ينعت به لا باطراد ولا بغيره "ونعت غير واحد إذا اختلف

ــ

"تنبيهًا على ذلك" أي: ما ذكر من قصد المبالغة والتوسع؛ ولأن المصدر من حيث هو مصدر لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث وإنما كان منبهًا على قصد المبالغة؛ لأن معنى قصد المبالغة جعل الموصوف نفس المعنى مجازًا لكثرة وقوعه منه, والمعنى شيء واحد مذكر على حذف المضاف؛ لأن المصدر يكون كذلك أي: مفردًا مذكرًا لو صرح بالمضاف نحو: هند ذات عدل والزيدان ذوا عدل وهكذا. قوله: "وهو عند الكوفيين إلخ" قد خالف كل من الفريقين مذهبه في باب الحال في أتيته ركضًا, فقال البصريون: إن ركضًا بمعنى راكضًا والكوفيون أنه على تقدير مضاف. وقد يقال إن كلا ذكر في كل من الموضعين ما هو بعض الجائز عنده. قوله: "على التأويل بالمشتق" أي: الذي بمعنى الفاعل كثيرًا كما في عدل وزور، وبمعنى المفعول قليلًا كما في رضا قاله الدماميني.

فائدة: قيل من النعت بالمصدر على التأويل باسم المفعول أو تقدير المضاف قولهم مررت برجل ما شئت من رجل؛ لأن ما مصدرية، ومثله قوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: ٨] ، وارتضى في المغني أن ما شرطية حذف جوابها أي: فهو كذلك ومجموع الجملتين نعت, وأن ما في الآية إما زائدة فالنعت جملة شاء وحدها بتقدير الرابط أي: شاءها وفي متعلقة بركبك أو باستقرار محذوف حال من مفعوله أو بعدلك أي: وضعك في صورة أي صورة شاء, وإما شرطية, فالنعت مجموع الجملتين والرابط محذوف أي: ما شاء تركيبك ركبك عليها, وفي متعلقة بعدلك لا بركبك؛ لأن الجواب لا يعمل فيما قبل أداة الشرط. قوله: "لا يطرد" أي: بل يقتصر على ما سمع منه, ولما لم يستفد من هذا التنبيه أن المسموع منه غير ميمي أتى بالتنبيه الثاني لإفادة ذلك. ولي في المقام بحث وهو أنهم كيف حكموا بعدم الاطراد مع أن وقوع المصدر نعتًا أو حالًا إما على المبالغة أو على المجاز بالحذف إن قدر المضاف أو على المجاز المرسل الذي علاقته التعلق إن أول المصدر باسم الفاعل أو اسم المفعول، وكل من الثلاثة مطرد كما صرح به علماء المعاني. اللهم إلا أن يدعي اختلاف مذهبي النحاة وأهل المعاني، أو أن المطرد عند أهل المعاني وقوع المصدر على أحد الأوجه الثلاثة إذا كان غير نعت أو حال كأن يكون خبرًا نحو: زيد عدل فتدبر.

قوله: "ونعت غير واحد" بالرفع مبتدأ ولا يجوز نصبه؛ لأن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها

<<  <  ج: ص:  >  >>