فعاطفًا فرقه لا إذا ائتلف" مثال المختلف: مررت برجلين كريم وبخيل، ومثال المؤتلف: مررت برجلين كريمين أو بخيلين. ويستثنى من الأول اسم الإشارة فلا يجوز تفريق نعته، فلا يقال مررت بهذين الطويل والقصير نص على ذلك سيبويه وغيره كالزيادي والزجاج والمبرد. قال الزيادي وقد يجوز ذلك على البدل أو عطف البيان.
تنبيهات: الأول قيل يندرج في غير الواحد ما هو مفرد لفظًا مجموع معنى كقوله:
ــ
فلا يفسر عاملًا. والمراد بغير الواحد ما دل على متعدد مثنى أو جمعًا أو اسم جمع أو اسم جنس أو اسمين متعاطفين أو أسماء متعاطفة كذا فسر الدماميني وأورد عليه أن نحو: زيد وعمرو إذا اختلف نعته لا يجب فيه التفريق بالعطف, بل يجوز فيه ذكر كل نعت بجانب منعوته نحو: جاء زيد العاقل وعمرو الكريم. وما أجيب به من أن المراد بالتفريق ما يشمل إيلاء كل نعت منعوته يرده قوله فعاطفًا إلا أن يقال عاطفًا في الجملة وأيضًا على ما فسر به الدماميني يرد على قوله لا إذا ائتلف نحو: أعطيت زيدًا أباه مما اتفق فيه المنعوتان إعرابًا لا بسبب العطف فإنه يمتنع جمعهما في وصف واحد, بل يفرد كل بوصف أو يجمعان في نعت مقطوع؛ لأن التابع في حكم المتبوع ولا يكون اسم واحد مفعولًا أولًا، وثانيًا نص على ذلك الرضي فقول المصنف: لا إذا ائتلف أي: فلا يفرق بل يجمع محله ما لم يمنع مانع أفاده سم. وفي هذا الإيراد نظر؛ لأن المنعوت في هذه الصورة ليس من غير الواحد بتفسير الدماميني لعدم العطف فاعرفه ولو أريد بغير الواحد المثنى والمجموع لم يرد شيء من ذلك فتأمل.
قوله: "إذا اختلف" أي: لفظًا ومعنى كالعاقل والكريم أو معنى لا لفظًا كالضارب من الضرب بالعصا مثلًا, والضارب من الضرب في الأرض أي: السير فيها أو لفظًا لا معنى كالذاهب والمنطلق. قوله: "فعاطفًا فرقه" أي: ففرق النعت حال كونك عاطفًا بالواو فقط, إجماعًا إذ لو قيل مررت برجلين صالح فطالح أو ثم طالح لم يستفد الترتيب في المرور, بل في حصول الوصفين للرجلين والترتيب في هذا غير مراد أفاده الدماميني. وأما قول ابن الحاجب الإدغام: أن تأتي بحرفين ساكن فمتحرك, فمردود بخلاف ما إذا كان المنعوت واحدًا فإنه يجوز العطف بغير الواو، حكى سيبويه مررت برجل راكب فذاهب وبرجل راكب ثم ذاهب قاله زكريا أي: لأن قصد الترتيب في حصول الوصفين للرجل سائغ. قوله: "كريمين" أي: بالتثنية ولا يجوز كريم وكريم بالتفريق، نعم يجوز مررت بإنسانين صالح وصالحة إذ لم يتفقا إلا بالتغليب فالنعت مختلف في الحقيقة فجاز تفريقه نظرًا لذلك وجمعه نظرًا للاتحاد في التغليب. قوله: "ويستثنى من الأول" اعترض بأنه لا استثناء؛ لأن نعت اسم الإشارة لا يكون مختلفًا أصلًا فهو خارج بقوله إذا اختلف. قوله: "فلا يجوز تفريق نعته" أي: لوجوب مطابقته له لفظًا, قال الدماميني: اختص نعت اسم الإشارة بأمور: منها هذا. ومنها وجوب كونه ذا أل. ومنها امتناع فصله من موصوفه فلا يجوز مررت بهذا في الدار الفاضل وإن جاز مررت بالرجل في الدار الكريم. ومنها امتناع قطعه، وأما كونه جنسًا لا وصفًا فغالب لا لازم.
قوله: "فلا يقال مررت بهذين الطويل والقصير" أي: على النعتية بقرينة ما يأتي. قوله: "قيل