واستعملوا أيضًا كَكُل فاعِلَه ... من عَمَّ في التوكيد مِثل النَّافله
وبعد كُلٍّ أكدوا بأجْمَعا ... جَمْعاءَ أَجْمَعِينَ ثُمّ جُمَعَا
ودُون كُلٍّ قد يَجِيء أَجْمَع ... جَمْعاءُ أَجْمَعون ثُمَّ جُمَع
ــ
"واستعملوا أيضًا ككل" في الدلالة على الشمول اسمًا موازنًا "فاعله من عم في التوكيد" فقالوا: جاء الجيش عامته، والقبيلة عامتها، والزيدون عامتهم، والهندات عامتهن. وعد هذا اللفظ "مثل النافله" أي: الزوائد على ما ذكره النحويون في هذا الباب، فإن أكثرهم أغفله، لكن ذكره سيبويه وهو من أجلهم فلا يكون حينئذ نافلة على ما ذكروه، فلعله إنما أراد أن التاء فيه مثلها في النافلة أي: تصلح مع المؤنث والمذكر فتقول: اشتريت العبد عامته كما قال تعالى: {وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً}[الأنبياء: ٧٢] .
تنبيه: خالف في عامة المبرد وقال: إنما هي بمعنى أكثرهم "وبعد كل أكدوا بأجمعا جمعاء أجمعين ثم جمعا" فقالوا: جاء الجيش كله أجمع، والقبيلة كلها جمعاء، والزيدون كلهم أجمعون، والهندات كلهن جمع "ودون كل قد يجيء أجمع جمعاء أجمعون ثم جمع" المذكرات نحو: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر: ٣٩] ، {لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر: ٤٣] ، وهو قليل بالنسبة لما سبق، وقد يتبع أجمع وأخواته بأكتع وكتعاء وأكتعين وكتع، وقد يتبع أكتع وأخواته بأبصع وبصعاء وأبصعين وبصع، فيقال: جاء الجيش كله أجمع أكتع أبصع، والقبيلة كلها جمعاء كتعاء بصعاء، والقوم كلهم أجمعون أكتعون أبصعون، والهندات كلهن جمع كتع بصع. وزاد الكوفيون بعد أبصع وأخواته أبتع وبتعاء وأبتعين وبتع. قال الشارح: ولا يجوز أن يتعدى هذا الترتيب. وشذ قول بعضهم أجمع
ــ
والفضل. همع. قوله:"واستعملوا أيضًا" أي: كما استعملوا غير عامة, وقوله: من عم أي: مشتقا من مصدره, وقوله في التوكيد متعلق باستعملوا ويغني عنه قوله: ككل. قوله:"فاعله من عم" لم يقل عامة مع أنه أخصر؛ لأن فيه اجتماع ساكنين وهو لا يجوز في النظم. قوله:"مثل النافلة" حال من فاعله, وقول الشارح: وعد هذا اللفظ مثل النافلة, حل معنى ولم يجعله زائدًا بل مثل الزائد نظرًا لكون البعض قد ذكره، وحينئذٍ لا يرد الاستدراك الذي ذكره الشارح؛ لأنه لم يجعله نافلة بل مثلها أفاده سم. قوله:"ويعقوب نافلة" حال من يعقوب أي: حالة كونه نافلة على ما طلبه إبراهيم من ولد صالح وهو إسحاق حيث قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين} فوهب له إسحق وولد لإسحق يعقوب.
قوله:"بمعنى أكثرهم" أي: فتكون بدل بعض من كل. قوله:"المذكورات" دفع به ما يوهمه تعبير المصنف بالظاهر في موضع الضمير من مغايرة الألفاظ المذكورة في البيت الثاني للألفاظ المذكورة في البيت الأول. قوله:"بالنسبة لما سبق" أي: من وقوع المذكورات بعد كل أما بالنسبة لنفسه فكثير.
قوله:"ولا يجوز أن يتعدى هذا الترتيب" أي: بتقديم وتأخير أو بحذف بعض ما في الأثناء.