إذا بكيت قَبَّلَتْنِي أَرْبَعا ... إذًا ظَلِلتُ الدهر أَبْكي أَجْمَعا
وفي هذا الرجز أمور: إفراد أكتع عن أجمع، وتوكيد النكرة المحدودة، والتوكيد بأجمع غير مسبوق بكل، والفصل بين المؤكد والمؤكد، ومثله في التنزيل:{وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ}[الأحزاب: ٥١] .
تنبيهات: الأول زعم الفراء أن أجمعين تفيد اتحاد الوقت، والصحيح أنها ككل في إفادة العموم مطلقًا بدليل قوله تعالى:{لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر: ٣٩] . الثاني إذا تكررت ألفاظ التوكيد فهي للمتبوع وليس الثاني تأكيدًا للتأكيد. الثالث لا يجوز في ألفاظ التوكيد القطع إلى الرفع ولا إلى النصب. الرابع لا يجوز عطف بعضها على بعض فلا يقال: قام زيد نفسه وعينه، ولا جاء القوم كلهم وأجمعون. وأجازه بعضهم وهو قول ابن الطراوة
ــ
قال الفارضي: قدمت كل على الجميع لعراقتها وكونها أنص في الإحاطة, ووليها أجمع؛ لأنه صريح في الجمعية لاشتقاقه من الجمع, ووليه أكتع لانحطاطه عنه في الدلالة على الجمع؛ لأنه من تكتع الجلد إذا انقبض, ففيه معنى الجمع ووليه أبصع؛ لأنه من تبصع العرق إذا سال وهو لا يسيل حتى يجتمع, وأخر أبتع؛ لأنه أبعد من أبصع؛ لأنه طويل العنق أو شديد المفاصل لكن لا يخلو من دلالته على اجتماع ا. هـ. ببعض تلخيص. وإذا اجتمع النفس والعين وكل قدما على كل ولم يتعرضوا لما إذا اجتمع كل وعامة والظاهر تقديم كل على عامة. قوله:"وأشذ منه إلخ" أي: لأن في الأول حذف واسطة واحدة وهي أكتع, وفي الثاني حذف واسطتين وهما كتع وبصع. قوله:"بأكتع وأكتعين" لم يستشهد للثاني وقد استشهد له في الهمع. قوله:"إفراد أكتع عن أجمع" أي: وهو قليل. قوله:"وتوكيد النكرة المحدودة" أي: الموضوعة لمدة لها ابتداء وانتهاء أي: وهو ممنوع عند البصريين كما سيأتي. قوله:"والتوكيد بأجمع إلخ" أي: وهو قليل بالنسبة للتأكيد مسبوقة بكل. قوله:"والفصل إلخ" أي: وهو خلاف الأصل. قوله:"إفادة العموم مطلقًا" أي: لا بقيد اتحاد الوقت. قوله:"لا يجوز في ألفاظ إلخ" أي: على المختار لمنافاة القطع مقصود التوكيد. قوله:"فلا يقال إلخ" عللوه باتحاد معنى النفس والعين واتحاد معنى كل وأجمع وهذا يقتضي جواز نحو: جاء القوم أنفسهم وكلهم لعدم الاتحاد ولم أر من ذكره بل إطلاقهم يخالفه فافهم.
٨٢٧- الرجز بلا نسبة في الدرر ٦/ ٣٥، ٤١، وخزانة الأدب ٥/ ١٦٩؛ وشرح ابن عقيل ص٣٨٥؛ وشرح عمدة الحافظ ص٥٦٢، ٥٦٥؛ ولسان العرب ٨/ ٣٠٥ "كتع"؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٩٣؛ والمقرب ١/ ٢٤٠؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٢٣، ١٢٤.