وجيرو إي ولا لكونها كالجزء من مصحوبها، فيعاد مع المؤكد ما اتصل بالمؤكد إن كان مضمرًا نحو:{أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ}[المؤمنون: ٣٥] ، ويعاد هو أو ضميره إن كان ظاهرًا نحو: إن زيدًا إن زيدًا فاضل أو إن زيدًا إنه فاضل وهو الأولى, ولا بد من الفصل بين الحرفين كما رأيت. وشذ اتصالهما كقوله:
ــ
نعم جير وأجل وإي كما في المغني وأما بلى فلا تقع باطراد إلا بعد النفي مجردًا نحو:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى}[التغابن: ٧] ، أو مقرونًا باستفهام حقيقي, كأن يقال: أليس زيد بقائم فتقول: بلى، أو توبيخي نحو:{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى}[الزخرف: ٨٠] ، أو تقريري نحو:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}[الأعراف: ١٧٢] ، أجروا النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده ببلى رعيًا للفظه وحده هذا هو الأكثر.
ويجوز عند أمن اللبس أن يجاب بنعم رعيا لمعنى الهمزة والنفي الذي هو إيجاب، ألا ترى أنه لا يجوز بعده دخول أحد ولا الاستثناء المفرغ, فلا يقال أليس أحد في الدار ولا أليس في الدار إلا زيد, ولهذا نازع جماعة كالسهيلي فيما حكي عن ابن عباس في الآية أنهم لو قالوا: نعم لكفروا. نعم لو أجيب {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} بنعم لم يكف في الإقرار لاحتماله غير المراد ولهذا لا يدخل في الإسلام بلا إله إلا الله برفع إله؛ لاحتمال نفي الوحدة كذا في المغني, وإنما كان التقرير مع النفي إيجابًا؛ لأن الهمزة للنفي ونفي النفي إيجاب؛ ولأن غرض المتكلم تقرير المخاطب بالإيجاب. وحاصل المقام أن قام زيد تصديقه نعم وتكذيبه لا وتمتنع بلى لعدم النفي وما قام زيد تصديقه نعم وتكذيبه بلى وتمتنع؛ لا لأنها لنفي الإثبات لا لنفي النفي، وأقام زيد كقام زيد فإن أثبت القيام قلت: نعم, وإن نفيته قلت: لا, ويمتنع بلى، وألم يقم زيد كلم يقم زيد فإن أثبت القيام قلت: بلى ويمتنع لا، وإن نفيته قلت: نعم لكن إن كان الاستفهام تقريريا وأمن اللبس جاز لك أن تثبت بنعم كما مر فعلم أن بلى لا تأتي إلا بعد نفي, وأن لا لا تأتي إلا بعد إيجاب وأن نعم تأتي بعدهما قاله في المغني.
قوله:"لكونها" أي: الحروف غير حروف الجواب. قوله:"ويعاد هو" أي: ما اتصل بالمؤكد بفتح الكاف وكذا الضمير إن في قوله أو ضميره إن كان ظاهرًا. قوله:"وهو الأولى" لأنه الأصل, وأما الأول فمن وضع الظاهر موضع المضمر. قيل من الثاني {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[آل عمران: ١٠٧] ، ففي الثانية توكيد للأولى وأعيد مع الثانية ضمير رحمة, ولعله مبني على أن هم مبتدأ ثان, وخالدون خبره وفي رحمة الله متعلق بخالدون، أما على أن في رحمة الله خبر عما قبله, وهم فيها خالدون جملة مستأنفة فليست الآية مما نحن فيه. قال في المغني: ولا يكون الجار والمجرور توكيدًا للجار والمجرور؛ لأن الضمير لا يؤكد الظاهر؛ لأن الظاهر أقوى ولا يكون المجرور بدلًا من المجرور بإعادة الجار؛ لأن العرب لم تبدل مضمرًا من مظهر ا. هـ. لكن ذكر في محل آخر أن النحويين أجازوا إبدال المضمر من المظهر.
قوله:"ولا بد من الفصل بين الحرفين" هذا يقوم مقام إعادة ما اتصل به. وعبارة