وَاخْصُصْ بفاءٍ عَطْفَ ما لَيْسَ صِلَه ... عَلَى الذِي اسْتَقَرَّ أَنَّهُ الصِّلَهْ
ــ
وخرجت الآية على تقدير الجواب والبيت على زيادة الفاء "واخصص بفاء عطف ما ليس" صالحًا لجعله "صله" لخلوه من العائد "على الذي استقر أنه الصله" نحو: اللذان يقومان فيغضب زيد أخواك، وعكسه نحو: الذي يقوم أخواك فيغضب هو زيد، فكان الأولى
ــ
العشق وإرادة النفس, وكأن الثاني هو المراد في البيت يقول أصبح مريد الشيء وأمسى تاركًا له, يقال عدا فلان هذا الأمر إذا تجاوزه وتركه ا. هـ دماميني. قال الشمني: وهذا يدل على أن عاديًا بالعين المهملة وهو مضبوط في بعض نسخ المغني وفي غيره بالمعجمة, وقد أنشد ابن مالك هذا البيت في شرح الكافية:
أراني إذا ما بتّ بت على هوى ... فثم إذا أصبحت أصبحت غاديا
قال ابن القطاع: غدا إلى كذا أصبح إليه ا. هـ. كلام الشمني. وكما أنشده ابن مالك أنشده السيرافي وقال: كذا رواية أبي بكر, ثم قال: يقول إن لي حاجة لا تنقضي أبدًا ا. هـ. قوله: "على تقدير الجواب" أي: فرج الله عنهم أو لجئوا إلى الله ثم تاب إلخ، فثم عاطفة على هذا المحذوف وتوبة الله تعالى على عبده تكون بمعنى توفيقه للتوبة كما في: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: ١١٨] ، وبمعنى قبول توبته. قال الشمني: وقيل إذا بعد حتى قد تجرد عن الشرط وتبقى لمجرد الوقت فلا تحتاج إلى جواب بل تكون غاية للفعل قبلها أي:
خلفوا إلى هذا الوقت ثم تاب عليهم.
قوله: "على زيادة الفاء" لأنه عهد زيادتها ولم يعهد زيادة ثم, وترد ثم للاستئناف كما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [العنكبوت: ١٩] ، فجملة ثم يعيده مستأنفة؛ لأن إعادة الخلق لم تقع فيقرروا برؤيتها ويؤيد كونها مستأنفة قوله تعالى عقب ذلك: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ} [العنكبوت: ٢٠] ،
كذا في المغني. قوله: "واخصص بفاء إلخ" وفي التسهيل أنها تنفرد أيضًا بعطف مفصل على مجمل متحدين معنى نحو: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: ٤٥] ، والترتيب في مثله ذكري لا معنوي لاتحاد المتعاطفين معنى. قوله: "وعكسه" بالنصب عطفًا على عطف في كلام الناظم.
قوله: "فيغضب هو زيد" يحتمل أن هو فاعل يغضب, فنكتة الإبراز دفع توهم كون زيد فاعلًا ليغضب فيختل التركيب لعدم الضمير حينئذٍ في كل من الجملتين, لا كون الفعل جرى على غير من هو له كما قيل؛ لأنه ممنوع بل هو جار على من هو له, ويحتمل أن الفاعل ضمير مستتر في يغضب وهو توكيد له وهذا ظاهر كلام الدنوشري, وما قبله ظاهر كلام التصريح, ويحتمل أنه ضمير منفصل مبتدأ خبره زيد والجملة خبر الموصول, ويحتمل أنه ضمير فصل لا محل له من الإعراب, فالاقتصار على الأول تقصير, وفاعل يغضب على الأخيرين ضمير مستتر فيه يعود على الذي.
قوله: "فكان الأولى إلخ" لو عبر بالواو لكان أولى لوجهين: الأول أن أولوية التعبير بعبارة تشمل مسألتي الصفة والخبر لا تتفرّع على جريان الحكم في عكس صورة المتن أيضًا, فلا يظهر