للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْضَا بِحَتَّى اعطف على كلٍّ ولا ... يكون إلا غاية الذي تَلا

ــ

أن يقول كما في التسهيل وتنفرد الفاء بتسويغ الاكتفاء بضمير واحد فيما تضمن جملتين من صلة أو صفة أو خبر ليشمل مسألتي الصلة المذكورتين، والصفة نحو: مررت بامرأة تضحك فيبكي زيد وبامرأة يضحك زيد فتبكي، والخبر نحو: زيد يقوم فتقعد هند وزيد تقعد هند فيقوم ومن هذا قوله:

٨٥١- وإنسانُ عَيْنِي يَحْسِرُ الماءُ ... تارَةًفَيَبْدُو وتاراتٍ يَجُمُّ فيَغْرَقُ

ويشمل أيضًا مسألتي الحال ولم يذكره نحو: جاء زيد يضحك فتبكي هند، وجاء زيد تبكي هند فيضحك, فهذه ثمان مسائل يختص العطف فيها بالفاء دون غيرها، وذلك لما فيها من معنى السببية "بعضًا بحتى اعطف على كل ولا يكون إلا غاية الذي تلا" أي: للعطف بحتى شرطان: الأول أن يكون المعطوف بعضًا من المعطوف عليه أو كبعضه كما قاله في التسهيل نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، وأعجبتني الجارية حتى حديثها، ولا يجوز حتى ولدها. وأما قوله:

٨٥٢- أَلقَى الصَّحِيفَةَ كَي يُخَفِّفَ رَحْلَهُ ... والزَّادَ حَتَّى نَعْلَهُ أَلقَاهَا

ــ

التفريع بالنسبة إليهما. الثاني أن ما قبل فاء التفريع علة لما بعدها فلا يحسن التعليل بعد شمول مسألتي كل من الصلة والصفة والخبر فتأمل. قوله: "يحسر الماء" بحاء وسين مهملتين من بابي ضرب وقتل كما في المصباح أي: يرتفع وينزاح وقوله: يجمّ بضم الجيم وكسرها أي: يكثر. قوله: "ويشمل أيضًا إلخ" الضمير يرجع إلى اختصاص الفاء ويشمل بالرفع على الاستئناف, وليس الضمير راجعًا إلى أن يقول كما في التسهيل, ويشمل بالنصب عطفًا على مدخول اللام في قوله سابقًا ليشمل إلخ؛ لعدم شمول ذلك القول مسألتي الحال كما قال ولم يذكره أي: في التسهيل اللهم إلا أن يراد بالصفة ما يشمل الحال؛ لأنها صفة في المعنى، ويراد بقوله ولم يذكره أي: نصا وفيه ما لا يخفى من التكلف, وبما قررناه اندفع تنظير شيخنا. قوله: "أن يكون المعطوف بعضًا من المعطوف عليه" بأن يكون جزءًا منه أو فردًا أو نوعًا وقوله أو كبعضه أي: في شدة الاتصال.

قوله: "فعلى تأويل ألقى ما يثقله" أي: تأويل ألقى الصحيفة والزاد بألقى ما يثقله ونعله بعض ما يثقله, فالمعطوف بعض تأويلًا, وقد روي نعله بالأوجه الثلاثة كما سيذكره الشارح. قوله: "والثاني أن يكون غاية إلخ" والتحقيق كما في المطول أن المعتبر في حتى ترتيب أجزاء ما


٨٥١- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص٤٦٠؛ وخزانة الأدب ٢/ ١٩٢؛ والدرر ٢/ ١٧؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥٧٨، ٤/ ٤٤٩؛ ولكثير في المحتسب ١/ ١٥٠، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣/ ١٠٣، ٧/ ٢٥٧؛ وأوضح المسالك ٣/ ٣٦٢؛ وتذكرة النحاة ص٦٦٨؛ ومجالس ثعلب ص٦١٢؛ ومغني اللبيب ٢/ ٥٠١؛ والمقرب ١/ ٨٣؛ وهمع الهوامع ١/ ٩٨.
٨٥٢- البيت من الكامل، وهو للمتلمس في ملحق ديوانه ص٣٢٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٧٠؛ ولأبي "أو لابن" مروان النحوي في خزانة الأدب ٣/ ٢١، ٢٤؛ والدرر ٤/ ١١٣؛ وشرح التصريح ٢/ ١٤١؛ الكتاب ١/ ٩٧؛ والمقاصد النحوية ٤/ ١٣٤؛ ولمروان بن سعيد في معجم الأدباء ١٩/ ١٤٩؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص٢٦٩؛ وأوضح المسالك ٣/ ٣٦٥؛ والجنى الداني ص٥٤٧، ٥٥٣؛ وخزانة الأدب ٩/ ٤٧٢؛ والدرر ٦/ ١٤٠؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤١١؛ وشرح عمدة الحافظ ص٦١٤؛ ورصف المباني ص١٨٢؛ وشرح قطر الندى ص٣٠٤؛ وشرح المفصل ٨/ ١٩؛ ومغني اللبيب ١/ ٢٤؛ وهمع الهوامع ٢/ ٢٤، ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>