. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعلى تأويل ألقى ما يثقله حتى نعله. والثاني: أن يكون غاية في زيادة أو نقص نحو: مات الناس حى الأنبياء، وقدم الحجاج حتى المشاة. وقد اجتمعا في قوله:
٨٥٣- قَهَرْناكُم حَتَّى الكُماةَ فأَنْتُمُ ... تَهابُونَنَا حتى بَنِينَا الأصاغِرا
تنبيهات: الأول بقي شرطان آخران: أحدهما أن يكون المعطوف ظاهرًا لا مضمرًا كما هو شرط في مجرورها إذا كانت جارة، فلا يجوز: قام الناس حتى أنا, ذكره ابن هشام الخضراوي. قال في المغني: ولم أقف عليه لغيره. ثانيهما: أن يكون مفردًا لا جملة وهذا يؤخذ من كلامه؛ لأنه لا بد أن يكون جزءًا ما قبلها, أو كجزء منه كما تقدم، ولا يتأتي ذلك إلا في المفردات هذا هو الصحيح، وزعم ابن السيد في قول امرئ القيس:
ــ
قبلها ذهنًا من الأضعف إلى الأقوى أو بالعكس, ولا يعتبر الترتيب الخارجي لجواز أن تكون ملابسة الفعل لما بعدها قبل ملابسته للأجزاء الأخر نحو: مات كل أب لي حتى آدم أو في أثنائها نحو: مات الناس حتى الأنبياء، أو في زمان واحد نحو: جاءني القوم حتى زيد إذا جاءوك معًا وزيد أضعفهم أو أقواهم. قوله: "زيادة أو نقص" أي: معنويين كمثالي الشارح أو حسيين نحو: فلان يهب الأعداد الكثيرة حتى الألوف, ونحو: المؤمن يجزى بالحسنات حتى مثقال الذرة. قوله: "حتى الكمأة" جمع كمي على غير قياس, وهو كما في القاموس الشجاع أو لابس السلاح.
قوله: "بقي شرطان آخران" زاد في التصريح نقلًا عن الموضح شرطًا آخر وهو أن يكون ما بعدها شريكًا في العامل فلا يجوز صمت الأيام حتى يوم الفطر. قوله: "أن يكون المعطوف ظاهرًا لا مضمرًا" قال الحفيد: لأن معطوفها
بعض مما قبلها أو كبعضه, ولو دخلت على ضمير غيبة لكان ظاهرًا في أنه عين الأول لا بعضه, فيلزم عطف الشيء على نفسه ثم حمل ضمير المتكلم والمخاطب على ضمير الغائب ا. هـ. وما ذكره في ضمير الغيبة ليس على إطلاقه, فإنك لو قلت: زيد ضربت القوم حتى إياه لم يكن معطوفها عين ما قبلها, مع أن صورة كون معطوفها عين ما قبلها خارجة بالشرط الأول؛ لأن ما كان عينًا ليس بعضًا فالحق عدم اشتراط كون مجرورها ظاهرًا لا ضميرًا.
قوله: "الخضراوي" نسبة إلى الجزيرة الخضراء بلد من بلاد الأندلس.
دماميني. قوله: "مفردًا" لو قال اسمًا لكان أحسن؛ لأن المفرد يشمل الفعل مع أنها لا تعطفه. قوله: "أن يكون جزءًا" أراد بالجزء البعض ليشمل الجزئي ولو عبر بالبعض لكان أوضح وأوفق بعبارة الناظم.
قوله: "ولا يتأتى ذلك إلا في المفردات" اعترضه الدماميني بأنه لو قيل فعلت مع زيد ما
٨٥٣- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص٥٤٩؛ والدرر ٦/ ١٣٩؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٧٣؛ وشرح عمدة الحافظ ص٦١٥؛ ومغني اللبيب ١/ ١٢٧؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣٦.