ومثله قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ}[البقرة: ٢١٧] ، ومثل المقدر قوله تعالى:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ}[البروج: ٤] ، أي: النار فيه، وقيل الأصل ناره ثم نابت أل عن الضمير, والرابع البدل المباين وهو ثلاثة أقسام أشار إليها بقوله:"وذا للإضراب اعز إن قصدًا صحب ودون قصد غلط به سلب" أي: تنشأ أقسام هذا النوع الأخير من
ــ
إلى ذات المبدل منه ففي قولك: أعجبني زيد علمه الإعجاب لا يناسب نسبته إلى ذات زيد التي هي مجموع لحم وعظم ودم فيفهم السامع أن المتكلم قصد نسبته إلى صفة من صفاته كعلمه أو حسنه. وفي قولك: سرق زيد ثوبه إنما يفهم السامع أن المتكلم قصد نسبته إلى شيء يتعلق به كثوبه أو فرسه, فقد دل العامل المنسوب إلى المبدل منه في الظاهر على ذلك البدل إجمالًا هذا هو المراد بالاشتمال كما حققه سعد الدين ويرد عليه أنه لا يطرد؛ لأن بعض صور بدل الاشتمال قد لا يدل العامل فيه على البدل الدلالة المذكورة كما في:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ}[البروج: ٤] ، بناء على أن النار بدل اشتمال من الأخدود كما سيذكره الشارح. وقال ابن غازي معنى اشتمال العامل على البدل أن معنى العامل متعلق بالبدل وإن تعلق في اللفظ بغيره, وأورد عليه أن بدل البعض كذلك فيلزم أن يسمى بدل اشتمال. وقد يقال وجه التسمية لا يوجبها. بقي ههنا بحث وهو أن الدلالة على بدل الاشتمال بما سبقه إجمالية كما مر ولا يجوز أن تكون على التعيين على ما نقله الدماميني عن المبرد وأقره, وعبارته: لا نقول من بدل الاشتمال قتل الأمير سيافه وبنى الوزير وكلاؤه؛ لأن شرط بدل الاشتمال أن لا يستفاد مما قبله معينًا بل تبقى النفس مع ذكر ما قبله متشوفة إلى بيان الإجمال الذي فيه, وهنا الأول غير مجمل إذ يستفاد عرفًا من قولك: قتل الأمير أن القاتل سيافه وكذا في أمثاله فلا يجوز مثل هذا الابدال أصلًا ا. هـ.
فعلى هذا يشكل هذا التابع من أي: التوابع فتأمل. وعلم مما مر ما نقله الدماميني عن المبرد من أن نحو: ضربت زيدًا عبده ليس بدل اشتمال بل بدل غلط؛ لأن ما قبل البدل لا يدل عليه؛ لأن ضربت زيدًا مفيد بغير احتياج إلى شيء آخر لمناسبة العامل المبدل منه. قوله:"قتل أصحاب الأخدود" هو شق في الأرض وأصحابه ثلاثة شق كل واحد منهم شقا عظيمًا في الأرض وملأه نارًا, وقالوا: من لم يكفر ألقي فيه ومن كفر ترك ا. هـ. تصريح. ومنه يؤخذ أن أل في الأخدود للجنس؛ لأن الأخاديد ثلاثة لا واحد. قوله:"وقيل الأصل ناره إلخ" وقيل أراد بالأخدود النار مجازًا لاشتماله عليها وقيل النار على حذف مضاف أي: أخدود النار والبدل على هذين بدل كل وقيل: النار بدل إضراب أفاده زكريا.
قوله:"وذا للإضراب إلخ" أي: أنسب هذا البدل الشبيه بالمعطوف ببل للإضراب, كأن تقول بدل إضراب إن صحب البدل قصد المتبوع أي: قصدًا صحيحًا كما قاله سم. قوله:"ودون قصد" منصوب على الظرفية لمحذوف أي: وإن وقع دون قصد أي: دون قصد صحيح بأن لا يقصد أصلًا بل يسبق إليه اللسان أو يقصد, ثم يتبين فساد قصده كما قاله سم, وغلط خبر مبتدأ محذوف على حذف مضاف أي: فهو بدل غلط والهاء عائدة على البدل وسلب في موضع الصفة