للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل العامل وكلامه هنا يحتمل الأولين. وذهب في التسهيل إلى الأول. الرابع: رد المبرد وغيره بدل الغلط, وقال: لا يوجد في كلام العرب نظمًا ولا نثرًا. وزعم قوم منهم ابن السيد أنه وجد في كلام العرب كقول ذي الرمة:

٨٩٣- لَمْيَاءُ في شَفَتَيهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ

فاللعس بدل غلط؛ لأن الحوة السواد واللعس سواد يشوبه حمرة، وذكر بيتين آخرين. ولا حجة له فيما ذكره لإمكان تأويله. الخامس: قد فهم من كون البدل تابعًا أنه يوافق متبوعه في الإعراب، وأما موافقته إياه في الإفراد والتذكير والتنكير وفروعها فلم يتعرض لها هنا، وفيه تفصيل: أما التنكير وفرعه وهو التعريف فلا يلزم موافقته لمتبوعه فيهما، بل تبدل المعرفة من المعرفة نحو: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ, اللهِ} [إبراهيم: ١] ، في قراءة الجر، والنكرة من النكرة نحو: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا، حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} [النبأ: ٣٢] ، والمعرفة من النكرة نحو: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: ٥٢] والنكرة من المعرفة نحو: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} [العلق: ١٥ و١٦] ، وأما الإفراد والتذكير

ــ

المذكور يوجد في بدل البعض وبدل الكل إلا أن يقال وجه التسمية لا يوجبها فتأمل. وانحط كلامه في التصريح على أن الراجح الثالث واختاره الموضح وتقدم الكلام عليه.

قوله: "يحتمل الأولين" ظاهره أنه لا يحتمل الثالث كاحتماله لهما, ولعل وجهه أن لفظ البدل يشعر بالمبدل منه إشعارًا قريبًا بخلاف العامل فيكون الضمير المستتر في قوله أو ما يشتمل عليه للبدل والبارز للمبدل منه الذي أشعر به لفظ البدل إشعارًا قريبًا, أو بالعكس وظاهره أيضًا أن الاحتمالين على السواء وليس كذلك كما يفيده ما أسلفناه من البحث في جعل البعض كلام المصنف محتملًا للمذاهب الثلاثة. قوله: "لمياء" فعلاء من اللمى كالفتى وهو سمرة في باطن الشفة وهو مستحسن. قوله: "لإمكان تأويله" كأن يقال لعس مصدر وصفت به الحوة أي: حوة لعساء. هذا وقد قيل كل من الحوة, واللعس حمرة تضرب إلى سواد, وعليه فلعس بدل كل من كل فلا شاهد فيه. قوله: "قد فهم من كون البدل تابعًا إلخ" أي: لما علمت سابقًا من أن التابع هو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد. قوله: "وفيه تفصيل" أي: فيما ذكر من الموافقة. قوله: "بل تبدل المعرفة من المعرفة إلخ" محط الإضراب القسمان الأخيران, وإنما أتى بالقسمين الأولين تتميمًا للأقسام.

قوله: "مفازًا" أي: مكان فوز أو فوزًا وعلى هذا مشى الشارح بعد وسيأتي ما فيه وقوله


٨٩٣- عجزه:
وفي اللِّثاثِ وفي أنيهابها شَنَبُ
والبيت من البسيط، وهو لذي الرمة في ديوانه ص٣٢؛ والخصائص ٣/ ٢٩١؛ والدرر ٦/ ٥٦؛ ولسان العرب ١/ ٥٠٧ "شنب"، ٦/ ٢٠٧ "لعس" ١٤/ ٢٠٧ "حواء"؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٢٠٣؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>