ومن ضمير الحاضِرِ الظاهِرِ لا ... تُبْدِله إلا ما إحاطَة جَلا
ــ
وأضدادهما: فإن كان بدل كل وافق متبوعه فيها ما لم يمنع مانع من التثنية والجمع ككون أحدهما مصدرًا نحو: {مَفَازًا، حَدَائِقَ} [النبأ: ٣٢] ، أو قصد التفصيل كقوله:
٨٩٤- وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَين رِجْلٍ صَحيحَة ... ورِجل رَمَى فِيها الزمانُ فَشَلَّتِ
وإن كان غيره من أنواع البدل لم يلزم موافقته فيها" ومن ضمير الحاضر" متكلمًا كان أو مخاطبًا "الظاهر لا تبدله" أي: يجوز إبدال الظاهر من الظاهر ومن ضمير الغائب كما ذكره في أمثلته، ولا يجوز أن يبدل الظاهر من ضمير المتكلم أو المخاطب "إلا ما إحاطة جلا" أي: إلا إذا كان البدل بدل كل فيه معنى الإحاطة نحو: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا
ــ
وأعنابًا عطف على مفازًا كما في الجلالين. قوله: "بالناصية" هي ناصية أبى جهل, وقوله: كاذبة من المجاز العقلي. قوله: "ككون أحدهما مصدرًا" نظر فيه بأن المراد المطابقة في المعنى, وهي حاصلة؛ لأن المصدر يدل على الاثنين والجماعة ورده بعضهم بأن مرادهم المطابقة في اللفظ, كما يدل عليه التعبير بالتثنية والجمع. قوله: "مفازًا حدائق" أي: فلم يقل مفاوز وفيه أن بدل الكل عين المبدل منه, والذوات لا تكون نفس الحدث, ويجاب بأن ذلك على حد زيد عدل. قوله: "أو قصد التفصيل" عطف على كون وقد يقال المطابقة حاصلة معه؛ لأن البدل ليس كل واحد من شقي التفصيل على حدته بل مجموعهما وهو مطابق ولما كان المجموع لا يمكن ظهور أثر العامل فيه, وكان جعله في أحدهما دون الآخر تحكمًا جعل في كل منهما دفعًا للتحكم, فاندفع بحث الدماميني بأنه إذا كان مجموعهما هو البدل فما العامل في كل واحد منهما مع أنه بمفرده غير بدل قال, وهذا في البدل كقولهم في الخبر: الرمان حلو حامض. ونقل الطبلاوي عن سم أنه قال: الظاهر أن المسمى بالبدل اصطلاحًا هو الأول فقط, وإن كان البدل في المعنى هو المجموع فليتأمل. قوله: "فشلت" بفتح الشين المعجمة أي: بطلت حركتها. قوله: "ومن ضمير الحاضر" أي: البارز؛ لأن ضمير الحاضر المستتر لا يبدل منه مطلقًا فإن ورد ما يوهم ذلك قدر للثاني فعل من جنس الفعل المذكور نحو: تعجبيني جمالك ويكون من إبدال الجملة.
قوله: "أي: يجوز إبدال الظاهر إلخ" بيان للمفهوم, وقوله: ولا يجوز إلخ بيان للمنطوق, وإنما لم يجز إبدال الظاهر من ضمير الحاضر لعدم فائدته؛ لأن ضمير الحاضر في غاية الوضوح. قوله: "ومن ضمير الغائب" أي: البارز أخذًا من أمثلتهم وإن لم يحضرني الآن التصريح به, فلا يجوز إبدال الظاهر من ضمير الغائب المستتر, فلا يقال: هند أعجبتني جمالها على الإبدال كما لا يقال: تعجبيني جمالك على الإبدال. قوله: "إلا ما إحاطة جلا" قال البعض: أي: إلإبدل كل أظهر إحاطة وشمولًا والتقييد ببدل الكل مستفاد من التعبير بالإحاطة ومن المقابلة ا. هـ. وهو صريح في أن ما
٨٩٤- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص٩٩؛ وأمالي المرتضى ١/ ٤٦؛ وخزانة الأدب ٥/ ٢١١، ٢١٨؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٥٤٢؛ والكتاب ١/ ٤٣٣؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٢٠٤؛ وبلا نسبة في شرح المفصل ٣/ ٦٨؛ ومغني اللبيب ص٤٧٢؛ والمقتضب ٤/ ٢٩٠.