للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودونَ عَطفٍ ذا لإيَّا انسُبْ وما ... سواهُ سَتْرُ فِعلِهِ لن يَلزما

ــ

ليفعله، وإنما ذكر ذلك بعد باب النداء؛ لأن الاسم في التحذير والإغراء مفعول به بفعل محذوف ولا يجوز إظهاره كالمنادى على تفصيل يأتي.

واعلم أن التحذير على نوعين: الأول أن يكون بإياك ونحوه. والثاني بدونه: فالأول يجب ستر عامله مطلقًا كما أشار إليه بقوله: "إياك والشر ونحوه" أي: نحو: إياك، كإياك وإياكما وإياكم وإياكن "نصب محذر بما" أي: بعامل "استتاره وجب" لأنه لما كثر التحذير بهذا اللفظ جعلوه بدلًا من اللفظ بالفعل، والأصل احذر تلاقي نفسك والشر، ثم حذف الفعل وفاعله ثم المضاف الاول وأنيب عنه الثاني فانتصب، ثم الثاني وأنيب عنه الثالث فانتصب وانفصل

ــ

اصطلاحًا بعد. فتأمل. قوله: "محمود" فيه ما مر في نظيره وكان الأحسن في المقابلة أن يعبر بالمكروه والمحبوب أو بالمذموم والمحمود.

قوله: "بعد باب النداء" أي: حقيقة أو صورة ليشمل الاختصاص. قوله: "على تفصيل يأتي" حاصله أن محل الوجوب إذا كان التحذير بإيا ونحوه أو بغيره مع العطف أو التكرار. قوله: "يجب ستر عامله" أي: حذفه. قال البعض: مقدرًا بعد إياك إذ لا يتقدم الفعل مع انفصال الضمير وفيه أنهم ذكروا من أسباب الانفصال حذف الفعل وتأخره ولا مانع أن يكون سببه هنا الحذف, بل صرح به بعضهم فالفعل المقدر يجوز تقدمه مع انفصال الضمير وما ذكره من عدم جواز تقدمه مع انفصال الضمير, إنما هو في الفعل الملفوظ به فما علل به تقدير الفعل بعد إياك لا ينهض. والتعليل الصحيح ما في الدماميني ونصه: تقدير الفعل بعد إياك واجب إذ لو قدر مقدمًا للزم أن يكون أصله باعدك أي: باعد أنت إياك فيلزم تعدي الفعل الرافع لضمير الفاعل إلى ضميره المتصل وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها ا. هـ. ثم يؤخذ من التعليل ما أفاده صنيع التصريح وصرح به شيخنا السيد من أن وجوب تقديره بعد إياك, إنما هو على جعل الأصل إياك باعد عن الأسد والأسد عنك. وأما على جعل الأصل احذر تلاقي نفسك والأسد وهو ما مشى عليه الشارح والموضح فلا يجب تقديره بعد إياك لانتفاء المحذور المذكور نظرًا إلى أن المفعول في الحقيقة تلاقي لا الضمير. هذا تحقيق المقام فاحتفظ عليه والسلام. فإن قلت المعطوف في حكم المعطوف عليه وإياك محذر والأسد محذر منه وهما متخالفان فكيف جاز العطف فالجواب أنه لا يجب مشاركة الاسم المعطوف للمعطوف عليه إلا في الجهة التي انتسب بها المعطوف عليه إلى عامله وهي هنا كونه مفعولًا به أي: مباعدًا وكذا الأسد مباعد إذ المعنى إياك باعد وباعد الأسد كما مر.

قوله: "مطلقًا" أي: سواء كان مع عطف أو تكرار أولًا. قوله: "جعلوه" أي: هذا اللفظ بدلًا أو عوضًا من اللفظ أي: من التلفظ بالفعل أي: ولا يجمع بين العوض والمعوض. قوله: "وأنيب عنه الثالث" ليس الثالث صفة لمحذوف تقديره المضاف الثالث وإن أوهمته عبارته إذ ليس ثم مضاف ثالث بل الثالث مضاف إليه فيجعل صفة لمحذوف تقديره الاسم الثالث. قوله: "فانتصب وانفصل" أي: بعد أن كان مجرورًا متصلًا. قوله: "ودون عطف" دون ظرف لغو متعلق بانسب

<<  <  ج: ص:  >  >>