للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

علم" أي: ونحوه من أفعال اليقين فإنها لا تنصبه؛ لأنها حينئذ المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} [المزمل: ٢٠] , {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} [طه: ٨٩] ، أي: إنه سيكون وإنه لا يرجع. وأما قراءة بعضهم أن لا يرجع بالنصب وقوله:

١٠٦٠- نَرْضَى عنِ اللهِ أنَّ الناسَ قد عَلِموا ... أن لا يُدانِينا من خَلْقِهِ بَشَرُ

فمما شذ. نعم إذا أول العلم بغيره جاز وقوع الناصبة بعده، ولذلك أجاز سيبويه ما علمت إلا أن تقوم بالنصب، قال: لأنه كلام خرج مخرج الإشارة فجرى مجرى قولك أشير عليك أن تقوم, وقيل يجوز بلا تأويل. ذهب إليه الفراء وابن الأنباري. والجمهور على المنع

ــ

الكلام عليها عنهما قال في الهمع: ويقال فيها عن بإبدال الهمزة عينًا. قوله: "أي: ونحوه" حمل كلام المصنف على أن المعنى لا بعد مادة علم فاحتاج إلى قوله: ونحوه والأولى حمله على أن المعنى لا بعد مفيد علم كرأي وتحقق وتيقن وتبين وظن مستعملًا في العلم, وحينئذ لا يحتاج إلى ذلك, ومثل هذا يقال في قوله" والتي من بعد ظن قوله: "نرضى عن الله" يعني نثني عليه ونشكره وقوله: أن الناس إلخ استئناف بياني مسوق للتعليل وقوله: أن لا يدانينا أي: يقاربنا في المفاخر. قوله: "إذا أول العلم بغيره من ذلك ما إذا أريد به الظن.

قوله: "ولذلك أجاز سيبويه إلخ" ومنع المبرد النصب بعد العلم مطلقًا باقيًا على حقيقته أو مؤولا كما في الهمع. قوله: "خرج مخرج الإشارة" أي: وقع موقع الكلام الدال على الإشارة فمعنى ما علمت إلخ ما أشير عليك إلا بأن تقوم. وقوله: فجرى إلخ أي: فعومل معاملة قولك: أشير إلخ في نصب الفعل. قوله: "والجمهور على المنع" أي: منع وقوع الناصبة للمضارع بعد العلم بلا تأويل. قال الدماميني: هو الصواب؛ لأن الناصبة تدخل على ما ليس بمستقر ولا ثابت؛ لأنها تخلص المضارع للاستقبال فلا تقع بعد أفعال التحقيق بخلاف المخففة فإنها تقتضي تأكيد الشيء وثبوته واستقراره ا. هـ. وفيه عندي نظر؛ لأنه إن أريد بعدم استقرار مدخولها وثبوته عدم تيقنه فممنوع وتعليله باستقبال مدخولها لا يفيده فقد يكون المستقبل متيقنًا. وحينئذ لم يضر تلو أن أفعال اليقين وإن أريد به عدم حصوله وقت التكلم فمسلم, لكن لا يلزم من ذلك عدم تيقن حصوله في المستقبل. فإذا كان كذلك لم يضر تلو أن أفعال اليقين فكيف التصويب الذي ارتكبه, وقال الفارضي: إنما وجب كونها مخففة؛ لأن العلم لا يناسبه إلا التوكيد وأن المثقلة كالمخففة في التوكيد, وأما أن المصدرية فإنها للرجاء والطمع فلا يناسبان العلم ا. هـ. ثم ما ذكرناه من أن المراد بالمنع في قول الشارح والجمهور على المنع مع وقوع الناصبة للمضارع بعد العلم بلا تأويل لا مطلقًا هو المتبادر من عبارة التصريح والهمع والذي ترجاه شيخنا ويدل له تعليل الدماميني الذي قدمناه فقول البعض بعد العلم مطلقًا غير ظاهر, وقد تلخص أن الأقوال ثلاثة: قول المبرد بالمنع مطلقًا ولم يذكره الشارح, وقول الفراء وابن الأنباري بالجواز مطلقًا وقول سيبويه والجمهور


١٠٦٠- البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ١/ ١٥٧؛ والدرر ٤/ ٥٦؛ وهمع الهوامع ٢/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>