للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانْصَبْ بها والرفعَ صحِّحْ واعتقِدْ ... تَخْفيفها من أن فهو مُطَّرِدْ

ــ

"والتي من بعد ظن" ونحوه من أفعال الرجحان "فانصب بها" المضارع إن شئت بناء على أنها الناصبة له "والرفع صحح واعتقد" حينئذ "تخفيفها من أن" الثقيلة "فهو مطرد" وقد قرئ بالوجهين: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: ٧١] ، قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي برفع تكون والباقون بنصبه. نعم النصب هو الأرجح عند عدم الفصل بينها وبين الفعل، ولهذا اتفقوا عليه في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: ٢] .

تنبيهات: الأول أجرى سيبويه والأخفش أن بعد الخوف مجراها بعد العلم لتيقن المخوف نحو: خفت أن لا تفعل وخشيت أن تقوم، ومنه قوله:

١٠٦١- أخافُ إذا ما مِتُّ أن لا أَذُوقَها

ــ

بالتفصيل فاعرف ذلك.

قوله: "والتي من بعد ظن إلخ" قال أبو حيان: وليس في الواقعة بعد الشك إلا النصب. سيوطي. قوله: "واعتقد حينئذ" أي: حين إذ رفعت بها. قوله: "هو الأرجح إلخ" أي: لأن الناصبة للمضارع أكثر وقوعًا من المخففة. أما عند الفصل فالأرجح الرفع؛ لأن الفصل بين المخففة ومدخولها أكثر من الفصل بين الناصبة للمضارع ومدخولها كذا قال البعض. وقد يقال أكثرية الفصل بين المخففة ومدخولها معارض بأكثرية وقوع الناصبة للمضارع, ومقتضى ذلك استواء الوجهين عند الفصل ويؤيده اختلاف القراء عند الفصل في قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: ٧١] ولو كان راجحًا لاتفقوا عليه كما اتفقوا على النصب لرجحانه في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: ٢] ، كما سيذكره الشارح. نعم ذكر بعضهم أن السبعة قد يتفقون على المرجوح فافهم. قوله: "عند عدم الفصل" أي: بلا فقط؛ لأنها التي يحتمل معها كون أن مخففة أو ناصبة لجواز الفصل بها بين المخففة والفعل أو الناصبة والفعل بخلاف غيرها مما يفصل به بين المخففة والفعل كان وقد ولو وحرف التنفيس؛ لأن غيرها لا يفصل به بين الناصبة والفعل فمعه يتعين كون أن مخففة فيجب الرفع لا أنه يترجح فقط. فقول شيخنا عند عدم الفصل أي: بلا أو لن أو ما أشبههما من الحروف التي تفصل بين أن المخففة والفعل غير صحيح.

قوله: "بعد الخوف" أي: الذي لم يستعمل بمعنى العلم وإلا كان من بابه سم. قوله: "لتيقن المخوف" أي: عند تيقنه. قال سم: ويفهم منه وجوب النصب عند عدم التيقن وهو شامل لظن


١٠٦١- صدره:
ولا تَدْفُنَنِّي في الفَلاةِ فإنَّنِي
والبيت من الطويل وهو لأبي محجن الثقفي في ديوانه ص٤٨؛ والأزهية ص٦٧؛ وخزانة الأدب ٨/ ٣٩٨، ٤٠٢؛ والدرر ٤/ ٥٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ١٠١؛ والشعر والشعراء ١/ ٤٣١؛ ولسان العرب ٨/ ٢٥٧ "فنع"؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٨١؛ وهمع الهوامع ٢/ ٢؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ١/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>