للدلالة على الخطاب، وعلى حال المخاطب من كونه مذكرًا أو مؤنثًا. مفردًا أو مثنى أو مجموعًا فهذه ستة أحوال تضرب في أحوال المشار إليه وهي ستة كما تقدم فذلك ستة وثلاثون يجمعها هذان الجدولان وطريقة هذين الجدولين المشار إليهما أنك تنظر لأحوال
ــ
مشتقة تأويلًا. قوله:"للدلالة على الخطاب" أي بالمادة وقوله: وعلى حال المخاطب أي بهيئته أو ما يلحقه. وأما دلالتها على البعد فعارض نشأ من استعمالهم إياها عند البعد.
فائدة: تتصل هذه الكاف الحرفية بأرأيت بمعنى أخبرني لا بمعنى أعلمت مغنيًا لحاق علامات الفروع بها عن لحاقها بالتاء، والتاء حينئذٍ اسم مجرد عن الخطاب ملتزم فيه الأفراد والتذكير هو الفاعل. وعكس الفراء فجعل التاء حرف خطاب والكاف فاعلًا. وقال الكسائي: التاء فاعل والكاف مفعول. والصحيح الأول قال ابن هشام: وأرأيت هذه منقولة من أرأيت بمعنى أعلمت لا من أرأيت بمعنى أأبصرت، ألا ترى أنها تتعدى إلى مفعولين، وهذا من الإنشاء المنقول إلى إنشاء آخر، يعني أن هذا الكلام كان أولًا لإنشاء هو الأمر إذ هو بمعنى أخبر. وقال الرضي: أرأيت بمعنى أخبر منقول من أرأيت بمعنى أأبصرت أو أعرفت ولا يستعمل إلا في الاستخبار عن حالة عجيبة. وقد يؤتى بعده بالمنصوب الذي كان مفعولًا به نحو أرأيت زيدًا ما صنع، وقد يحذف نحو:{أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّه}[الأنعام: ٤٠] ، الآية وكم ليس بمفعول بل حرف خطاب ولا بد سواء أتيت بذلك المنصوب أولًا من استفهام ظاهر أو مقدر يبين الحال المستخبر عنها، فالظاهر نحو أرأيت زيدًا ما صنع وأرأيتكم إن أتاكم عذاب الله الآية، والمقدر نحو:{أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَن}[الإسراء: ٦٢] أي أرأيتك هذا المكرم لم كرمته عليّ. وقوله: لئن أخرتن كلام مستأنف ولا محل لجملة الاستفهام لأنها مستأنفة لبيان الحال المستخبر عنها كأن المخاطب قال لما قلت: أرأيت زيدًا عن أي شيء من حالة تستخبر فقلت: ما صنع فهو بمعنى قولك أخبرني عنه ما صنع، وليست الجملة المذكورة مفعولًا ثانيًا لأرأيت كما ظنه بعضهم. ا. هـ. بحذف وفيه مخالفة لكلام ابن هشام من وجهين: أحدهما جعله أرأيت منقولًا من أرأيت بمعنى أأبصرت أو أعرفت، والثاني أنها ليست متعدية إلى مفعولين وأن الجملة المذكورة بعدها لا مفعول ثان ولم يبين وجه نصب زيد في مثل أرأيت زيدًا ما صنع فإنه لا يصح أن يكون منصوبًا على إسقاط الخافض أي أخبرني عن زيد وإن كان في كلامه ما يشير إلى هذا الوجه وذلك لأن النصب على إسقاط الخافض ليس بقياس في مثل هذا ولا مفعولًا به لأرأيت لأن معنى الرؤية قد انسلخ عن هذا اللفظ ونقل إلى طلب الإخبار، والذي يظهر لي أنه على حذف مضاف أي خبر زيد. ا. هـ. دماميني ملخصًا.
وقد يختار ما أشار إليه الرضي ويجعل النصب بنزع الخافض هنا من موارد السماع. ومفاد ما مر عن ابن هشام أن زيدًا مفعول به أول وجملة الاستفهام في موضع المفعول الثاني وبه صرح غيره، ويشكل عليه الانسلاخ المذكور اللهم إلا أن ينظر إلى المنقول عنه فتأمل. قوله:"فذلك ستة وثلاثون" هذا العدد ملحوظ فيه المعنى لا اللفظ وإلا فمن ستة المشار إليه حالتان مشتركتان