الموصولة تدخل على غير الاسم فليكن مثلها في الذي فتأمل. قوله:"أن" أي المشددة وتوصل بمعموليها وتؤول بمصدر من خبرها مضاف إلى اسمها إن كان خبرها مشتقًا أو بالسكون المضاف إلى اسمها إن كان جامدًا ومثلها المخففة منها.
قوله:"وأن" أي الناصبة للمضارع وتوصل بفعل متصرف ماض خلافًا لابن طاهر في دعواه أن الموصولة بالماضي غير الموصولة بالمضارع مستدلًا بأنها لو كانت الناصبة لحكم على موضعه بالنصب كما حكم على موضعه بالجزم بعد أن الشرطية ولا قائل به. وأجاب ابن هشام بأن الحكم على موضع الماضي بالجزم بعد أن الشرطية لأنها أثرت في معناه القلب إلى الاستقبال فأثرت الجزم في محله بخلاف أن المصدرية أو مضارعًا أو أمرًا على قول سيبويه في هذا وصحح، واستدل عليه بدخول حرف الجر في قولهم كتبت إليه بأن قم لأن حرف الجر ولو زائدًا لا يدخل إلا على اسم أو مؤوّل به. وقال أبو حيان لا يقوى عندي وصلها بالأمر لأمرين: أحدهما أنها إذا سبكت والفعل بمصدر فات معنى الأمر المطلوب. والثاني أنه لا يوجد في كلامهم يعجبني أن قم ولا يجوز ذلك ولو كانت توصل به لجاز. وأجاب ابن هشام عن الثاني بأن عدم الجواز إنما هو من عدم صحة تعلق الاعجاب ونحوه بالإنشاء وكان ينبغي له أن لا يسلم مصدرية كي لأنها تقع فاعلًا ولا مفعولًا وإنما تقع مخفوضة بلام التعليل، وعن الأول فإن فوات الأمر لا يضر كفوات المضي والاستقبال وبحث الدماميني في هذا الجواب عن الأول بأن فيه تسليم فوات الأمر عند السبك وهو قابل للمنع ففي الكشاف ما يفيد أن معناه عند السبك مصدر طلبي حيث قال في تفسير قوله تعالى:{إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَك}[نوح: ١] ، أي بالأمر بالإنذار فعلى هذا يقدر في نحو كتبت إليه بأن قم ولا تقعد كتب إليه بالأمر بالقيام والنهي عن القعود فلا يفوت معنى الطلب وعلى تقدير التسليم فلا نسلم أن فوات الأمر كفوات المضي والاستقبال لأن السبك مفوّت للأمر بالكلية لعدم دلالة اللفظ حينئذٍ عليه بوجه بخلافهما لدلالة المصدر على مطلق الزمان التزامًا، وفي الجواب عن الثاني بأنا إذا جعلنا أن الموصولة بالأمر مؤوّلة مع صلتها بمصدر طلبي كما مر لم يكن مانع من تعلق نحو الإعجاب به إذ التقدير أعجبني الأمر بالقيام. ثم قال: ويتجه أن يقال: لم يقم دليل للجماعة على أن أن الموصولة بالماضي والأمر هي الناصبة للمضارع لا سيما وسائر الحروف الناصبة لا تدخل على غير المضارع فادعاء خلاف ذلك في أن من بين أدوات النصب خروج عن النظائر ولا دليل لهم أيضًا على أن التي يذكر بعدها فعل الأمر والنهي موصول حرفي إذ كل موضع تقع فيه كذلك محتمل لأن تكون تفسيرية أو زائدة، فالأول نحو أرسلت إليه أن قم أو لا تقم. والثاني نحو كتبت إليه بأن قم أو لا تقم زيدت فيه أن كراهة دخول حرف الجر على الفعل في الظاهر والمعنى كتبت إليه بقم أو بلا تقم أي بهذا اللفظ فالباء إنما دخلت في الحقيقة على اسم فتأمل.
فائدة: في حاشية السيوطي على المغني عن ابن القيم أن فائدة العدول عن المصدر