والأصل في الأخبار أن تؤخرا ... وجوزوا التقديم إذ لا ضررا
ــ
الخامس عشر أن تكون مبهمة كقوله:
١٥٦- مرسعة بين أرساغه ... به عسم يبتغي أرنبا
"وليقس" على ما قيل "ما لم يقل" والضابط حصول الفائدة "والأصل في الأخبار
ــ
لها فلا شاهد في البيت لأن كم نفسها على هذين الوجهين هي المبتدأ في محل رفع خبرها قد حلبت لا أن المبتدأ ما بعد كم. والفدعاء بفاء ودال وعين مهملتين المرأة التي اعوجت أصابعها من كثرة الحلب. ولم يقل: فدعاوين قد حلبتا لأنه حذف مع كل من الموصوفين ما أثبته للآخر. وحذف خبر أحدهما لدلالة خبر الآخر. والعشار جمع عشراء كالنفاس جمع نفساء والعشراء التي أتى عليها من زمن حلبها عشرة أشهر. وأشار بعلى إلى أنه كان نكرها على أن يحلب عشاره أمثال عمة
جرير وخالته لأنهما عنده أدنى من ذلك.
قوله: "أن تكون مبهمة" أي مقصودًا إبهامها لأن البليغ قد يقصده فلا يرد أن إبهام النكرة هو المانع من صحة الابتداء بها فكيف يكون مسوغًا. قوله: "مرسعة" بالسين والعين المهملتين على زنة اسم المفعول: تميمة تعلق على الرسغ مخافة البلاء أو الموت. وفي القاموس رسع الصبي كمنع شد في يده أو رجله خرزًا لدفع العين. ا. هـ. وهو مبتدأ وبين أرساغه خبره، وهو جمع عظم بين الكوع والكرسوع. وفي قوله: أرساغه تغليب الرسغ على غيره. والعسم بفتح العين والسين المهملتين يبس في مفصل الرسغ تعوج منه اليد. ويبتغي أي يطلب. والأرنب حيوان معروف. وفي الكلام حذف مضاف أي كعب أرنب لأنهم كانوا يعلقون كعب الأرنب حفظًا من العين والسحر، لأن الجن تمتطي الثعالب والظباء والقنافذ وتجتنب الأرانب لحيضها ومرجع هذه الضمائر في بيت قبله. عيني مع زيادة وحذف. قوله: "وليقس" أي على ما أشير إليه سابقًا من الأمور المسوغة ما لم يقل من بقية المسوغات. والإشارة بالكاف في قوله كعند زيد نمرة إلى بقية أمثلة تلك الأمور فلا تكرار أفاده سم. قوله: "والأصل في الأخبار أن تؤخرا" اعلم أن للخبر في نفسه حالتين التقدم والتأخر، والأصل منهما التأخر بقطع النظر عن كونه واجبًا أو جائزًا، ولهما ثلاثة أحكام: وجوب التأخر وامتناع التقدم والعكس وجواز التأخر والتقدم وهذا هو الأصل من الثلاثة إذ الأصل
١٥٦- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص١٢٨؛ وإنباه الرواة ٤/ ١٤٧؛ وشرح ابن عقيل ص١١٥؛ ولسان العرب ١٢/ ٤٠١ "عسم" ٨/ ١٢٣، ١٢٤ "رسع"، ٨/ ٣١٨ "لسع"؛ ومجالس ثعلب ١٠٢؛ والمعاني الكبير ص٢١١؛ وهو لامرئ القيس بن مالك الحمير الحميري في المؤتلف والمختلف ص١٢؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص٧٣؛ وشرح المفصل ١/ ٣٦.