فامنعه حين يستوى الجزءان ... عرفا وونكرًا عادمي بيان
ــ
أن تؤخرا" عن المبتدآت لأن الخبر يشبه الصفة من حيث إنه موافقة في الإعراب لما هو دال على الحقيقة أو على شيء من سببية ولما لم يبلغ درجتها في وجوب التأخير توسعوا فيه "وجوزوا التقديم إذ لا ضررا" في ذلك نحو تميمي أنا، ومشنوء من يشنؤك، فإن حصل في التقديم ضرر فلعارض كما ستعرفه. إذا تقرر ذلك "فامنعه" أي تقديم الخبر "حين يستوى الجزءان" يعني المبتدأ والخبر "عرفًا ونكرًا" أي في التعريف والتنكير "عادمي بيان" أي
ــ
عدم الموجب والمانع قاله اللقاني.
قوله: "من حيث إنه إلخ" حيثية تعليل أو تقييد. وقوله: لما أي للمبتدأ الذي هو أي الخبر له أي خبر له. وقوله: دال خبر بعد خبر. وقوله: على الحقيقة أي الذات أي ذات المبتدأ كزيد قائم فقائم يدل على ذات هي ذات زيد. وقوله: أو على شيء من سببيه أي على ذات من الذوات التي تتعلق بزيد كزيد قائم أبوه ومبنية داره، فكل من قائم ومبنية يدل على ذات تتعلق بزيد وهي ذات أبيه في الأول وذات داره في الثاني. والمراد بالذات ما يشمل الصفة فيما إذا كان السببي صفة كزيد غزير علمه. وبهذا التحقيق يعلم أنه لا حاجة إلى ما تكلفه شيخنا والبعض في تقرير عبارة الشارح. قوله: "ولما لم يبلغ درجتها في وجوب" أي حالتها المتسببة في وجوب إلخ أي التي هي سبب في وجوب تأخير الصفة، وتلك الدرجة والحالة هي ما حوته الصفة من وجوب مطابقة الموصوف تعريفًا وتنكيرًا ومتابعته في إعرابه المتجدد أيضًا فهي تابعة للموصوف من كل وجه فلما لم يحو الخبر هذه الدرجة توسعوا فيه وجوزوا تقديمه، وبتقرير عبارة الشارح على هذا الوجه سقط قول البعض كان الصواب حذف قوله في وجوب التأخير لاقتضائه أن كلًا منهما واجب التأخير لكن درجة الخبر في ذلك أحط وأنزل وذلك غير صحيح في نفسه وغير ملائم لما بعده.
قوله: "وجوزوا التقديم" أي لم يمنعوه وليس المراد بالجواز استواء الطرفين لما علمت من أن التأخير هو الأصل الراجح وهذ ذكر لأول أحوال الخبر الثلاثة: جواز التقديم والتأخير ومنع التقديم ووجوبه وسيأتيان، وبدأ بالأول لأنه الأصل من الثلاثة كما مر عن اللقاني، ثم بالثاني لأنه على الأصل من جهة التأخير ومخالفته له من جهة الوجوب ثم بالثالث لمخالفته الأصل من كل وجه. قوله: "إذ لا ضرر"الأحسن والأنسب بقول المصنف فامنعه حين إلخ أن إذ ظرفية لا تعليلية. قوله: "ومشنوء" أي مبغوض. قوله: "فإن حصل في التقديم ضرر فلعارض" هذا الكلام منه مبني على أن إذ تعليلية وهو خلاف ما رجحناه، واللائق على كونها ظرفية أن يقول فإن حصل في التقديم ضرر امتنع. قوله: "فامنعه حين يستوي الجزءان إلخ" أي على مذهب الجمهور، فقد نقل الدماميني عن قوم منهم ابن السيد أنهم أجازوا في نحو صديقي زيد كون زيد مبتدأ وكونه خبرًا ولم يبالوا بحصول اللبس نظرًا إلى حصول المعنى، فعلم أن في تقديم الخبر على المبتدأ هنا خلافًا كتقديم المفعول على الفاعل في نحو ضرب موسى عيسى، فحصل الجواب عما ذكره شيخنا والبعض من التوقف في ذلك فاحفظه. قوله: "أي في التعريف والتنكير" أشار إلى أنهما اسما مصدرين للتعريف والتنكير وأنهما منصوبان بنزع الخافض لأن المعنى عليه وإن كان مقصورًا