للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذا إذا عاد عليه مضمر ... مما به عنه مبينا يخبر

كذا إذا يستوجب التصديرا ... كأين من علمته نصيرا

ــ

الاحتمال؛ إذ لو قلت: درهم عندي، ووطر لي، ورجل قصدك غلامه احتمل أن يكون التابع خبرًا للمبتدأ وأن يكون نعتًا له لأنه نكرة محضة، وحاجة النكرة إلى التخصيص ليفيد الإخبار عنها فائدة يعتد بمثلها آكد من حاجتها إلى الخبر. ولهذا لو كانت النكرة مختصة جاز تقديمها نحو {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَه} [الأنعام: ٢] و"كذا" يلتزم تقدم الخبر "إذا عاد عليه مضمر مما" أي من المبتدأ الذي "به" أي بالخبر "عنه" أي عن ذلك المبتدأ "مبينا يخبر" والمعنى أنه يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه ضمير من المبتدأ نحو على التمرة مثلها زبدًا. وقوله:

١٦١- أهابك إجلالًا وما بك قدرة ... علي ولكن ملء عين حبيبها

فلا يجوز مثلها زبدًا على التمرة، ولا حبيبها ملء عين لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، وقد عرفت أن قوله: عاد عليه هو على حذف مضاف أي عاد على ملابسه. و"كذا" يلتزم تقدم الخبر "إذا يستوجب التصديرا" بأن يكون اسم استفهام أو

ــ

قوله: "ليفيد الإخبار" علة لحاجة لأنها بمعنى احتياج. قوله: "ولهذا" أي لكون وجوب التقديم لدفع إيهام الصفة التي تحتاج النكرة إليها. قوله: "كذا" أي مثل التزام تقدم الخبر فيما مر يلتزم تقدمه إذا عاد عليه مضمر من المبتدأ الذي بذلك الخبر عنه حال كون الخبر مبينًا أي مفسرًا للضمير العائد إليه من المبتدأ فمبينًا حال من الضمير في به لبيان الواقع فصل بينها وبين صاحبها بأجنبي للضرورة. قال ابن غازي هذا البيت مع ما فيه من التعقيد كان يغني عنه وعما بعده أن يقول:

كذا إذا عاد عليه مضمر ... من مبتدأ وما به يصدر

قوله: "زيدًا" تمييز مفرد أو حال ويجوز رفعه بدلًا أو بيانًا أو مبتدأ أو فاعلًا بالظرف عند من لا يشترط الاعتماد على النفي أو الاستفهام وعلى هذين فمثل منصوب على الحال من النكرة المؤخرة وفتحته إعراب أو بناء. وبحث الدماميني في تمثيلهم بقولهم على التمرة مثلها زبدًا بأن الخبر الكون المطلق المحذوف وهو يصح تقديره مؤخرًا على الأصل كما تذكره مؤخرًا لو كان كونًا خاصًا مثل على الله عبده متوكل ويمكن أن يجاب بأن التمثيل بذلك مبني على أن الظرف هو الخبر فتدبر. قوله: "أهابك" بكسر الكاف. قوله: "لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة" أي وهو غير جائز هنا اتفاقًا بخلافه في نحو ضرب غلامه زيدًا فإن فيه خلافًا. والفرق أن ما عاد عليه الضمير وما اتصل بهالضمير اشتركا في العامل في الثاني دون الأول. قوله: "وقد عرفت" أي من التمثيل. قوله: "هو على حذف مضاف" أي عاد على ملابسه يستثنى من ذلك ما


١٦١- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص٨٥؛ ولنصيب بن رباح في ديوانه ص٦٨؛ وتخليص الشواهد ص٢٠١؛ وسمط اللآلي ص٤٠١؛ وشرح التصريح ١/ ١٧٦؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥٣٧؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٢٥١؛ وشرح ابن عقيل ص١٢٣؛ وشرح عمدة الحافظ ص١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>