والصواب أن الذي في البيت الأول كابد بالباء الموحدة كما جزم به ابن السكيت في شرح ديوان كثير، اسم فاعل من المكابدة غير جار على فعله إذ القياس مكابد. قال ابن سيده: كابده مكابدة وكبادًا قاساه، والاسم كابد كالكاهل والغارب، وإن كاربا في البيت الثاني اسم فاعل من كرب التامة نحو قولهم: كرب الشتاء أي قرب كما جزم به الجوهري وغيره. الثاني حكى الأخفش طفق يطفق كضرب يضرب، وطفق يطفق كعلم يعلم. وسمع أيضًا: أن البعير ليهرم حتى يجعل إذا شرب الماء مجه "بعد عسى" و"اخلولق" و"أوشك قد يرد غنى بأن يفعل" أي يستغني بأن والمضارع "عن ثان" من معموليها "فقد" وتسمى حينئذ تامة نحو: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا} [البقرة: ٢١٦] ، واخلوق أن يأتي، وأوشك أن يفعل، فأن والمضارع في تاويل اسم مرفوع بالفاعلية مستغنى به عن المنصوب ــ "كارب يومه" أي كارب في يومه يموت فالخبر محذوف. قوله: "اسم فاعل من كرب التامة" وأصله كارب يوم برفع يوم أي قريب يوم وفاته. قوله: "كضرب وقوله كعلم" الأحسن كجلس وكفرح ليفيد زنة المصدر أيضًا فإن مصدر المفتوح طفوق كجلوس ومصدر المكسور طفق كفرح قاله الناصر. قوله: "حتى يجعل" بالرفع لأن حتى ابتدائية وفي هذا المسموع ما تقدم في قول ابن عباس فجعل الرجل إلخ. قوله: "بعد عسى إلخ" أي لا بعد غير هذه الثلاثة وكأنه لعدم السماع. قوله: "غني بأن يفعل إلخ" اعلم أن مذهب الجمهور أنها في هذه الحالة أفعال تامة وأن يفعل فاعلها ولا خبر لها ومذهب الناظم أنها ناقصة وأن يفعل سد مسد معموليها كما سد مسد المفعولين في نحو: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: ٢] ، وكلام الناظم محتمل لها ومعناه على مذهب الجمهور غني بأن يفعل عن أن يكون لها ثان لتمامها وعلى مذهبه غني بأن يفعل عن أول وثان لكن لم يذكر الأول لظهور أغناء أن يفعل عنه لوقوعه في محله بخلاف الثاني. والشارح رحمه الله تعالى حمل كلامه على غير مذهبه والمناسب خلافه ويلزم على مذهب الناظم أن أن يفعل في محل رفع ونصب ولا مانع منه لوجود محلين مختلفين لشيء واحد باعتبارين في نحو أعجبني كونك مسافرًا. قوله: "مستغنى به عن المنصوب" أي عن أن يكون له منصوب فاندفع الاعتراض بأن