وباتفاق قد ينوب الثان من ... باب كسا فيما التباسه أمن
ــ
تنبيه: إذا فقد المفعول به جازت نيابة كل واحد من هذه الأشياء. قيل ولا أولوية لواحد منهما. وقيل المصدر أولى وقيل المجرور. وقال أبو حيان ظرف المكان "وباتفاق قد ينوب" المفعول "الثان من باب كسا فيما التباسه أمن" نحو كسى زيدًا جبة، وأعطى عمرًا درهم، بخلاف ما لم يؤمن التباسه نحو أعطيت زيدًا عمرًا، فلا يجوز اتفاقًا أن يقال فيه أعطى زيدًا عمرو، بل يتعين فيه إنابة الأول لأن كل منهما يصلح لأن يكون آخذًا.
تنبيه: فما ذكره من الاتفاق نظر. فقد قيل بالمنع إذا كان نكرة والأول معرفة حكى ذلك عن الكوفيين. وقيل بالمنع مطلقًا. وقوله: وقد ينوب الإشارة بقدر إلى أن ذلك
ــ
المفعول به. مثلا إذا كان المقصود الأصلي وقوع الضرب أمام الأمير أقيم ظرف المكان مقام الفاعل مع وجود المفعول به كما أفاده السيد.
قوله:"وقيل المصدر أولى" لأنه أشرف جزأي مدلول العامل. وقوله وقيل المجرور أي لأنه مفعول به بواسطة الجار. وقوله وقال أبو حيان إلخ أي لأن في إنابة المجرور خلافا ودلالة الفعل على المكان لا بالوضع بل بالالتزام كدلالته على المفعول به فهو أشبه بالمفعول به من المصدر وظرف الزمان لدلالة الفعل وضعا على الحدث والزمان كذا في الهمع. وبحث فيه سم بأن شرط إنابة المصدر وظرف الزمان اختصاصهما والفعل لا يدل على الحدث والزمان المختصين لكن هذا البحث لا يمنع أولوية ظرف المكان لأن غايته عدم دلالة الفعل أصلا على الحدث والزمان المختصين ودلالته التزاما على المكان فلم يخرج عن كونه أشبه بالمفعول به منهما. قوله:"من باب كسا" هو كل فعل نصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ولم ينصب أحدهما بإسقاط الجار فبالأول خرج باب ظن وبالثاني خرج نحو اخترت الرجال زيدا. قوله:"فيما التباسه أمن" أي في تركيب أمن فيه التباس. قال سم قد يتوهم أنه لو كان المفعول الثاني مؤنثا وأنيب مناب الفاعل وأنث الفعل لذلك أن اللبس يندفع وليس كذلك لأن غاية ما يدل عليه تأنيث الفعل أن المؤنث هو النائب ولا يلزم من كونه النائب أنه المفعول الثاني لجواز أنه الأول.
قوله:"فلا يجوز اتفاقا" إن قيل هلا جاز ذلك ومنع من تقديمه ويكون ذلك دافعا للالتباس كما قيل بمثله في ضرب موسى عيسى وصديقي صديقك فإنهم احترزوا من اللبس بالرتبة. أجيب بأنه هنا يمكن الاحتراز بالكلية بإقامة غير الثاني بخلاف الموضعين المذكورين فإنه لا طريق إلى دفع اللبس إلا بحفظ الرتبة قاله سم وأقوى من جوابه أن يقال لما كانت إنابة الثاني توهم فاعليته معنى لكون الأصل إنابة ما هو فاعل معنى كان ذلك معارضا لتأخره لزوما فضعفت دلالته على كون المتأخر هو المأخوذ بخلاف الموضعين المذكورين لعدم المعارض فيهما. قوله:"فقد قيل بالمنع إذا كان إلخ" وجهه أن النائب عن الفاعل مسند إليه كالفاعل والمعرفة أحق بالإسناد إليها من النكرة لكن هذا إنما يقتضي أولوية إنابة المعرفة لا وجوبها. قوله:"وقيل بالمنع مطلقا" أي سواء كان الأول معرفة أو نكرة طرد اللباب.