على معمول فعل مستقر أولا" سواء كان ذلك المعمول منصوبًا نحو لقيت زيدًا وعمرًا كلمته، أو مرفوعًا نحو قام زيد وعمرًا أكرمته، وإنما رجح النصب طلبًا للمناسبة بين الجملتين؛ لأن من نصب فقد عطف فعلية على فعلية، ومن رفع فقد عطف اسمية على فعلية، وتناسب المتعاطفين أحسن من تخالفهما. واحترز بقوله بلا فصل من نحو قام زيد وأما عمرو فأكرمته، فإن الرفع فيه أجود لأن الكلام بعد أما مستأنف مقطوع عما قبله، وبقوله فعل مستقر أولًا من العطف على جملة ذات وجهين وستأتي.
تنبيهان: الأول تجوز الناظم في قوله على معمول فعل إذ العطف حقيقة إنما هو على الجملة الفعلية كما عرفت. الثاني لترجيح النصب أسباب أخر لم يذكرها ههنا: أحدها أن يقع اسم الاشتغال بعد شبيه بالعاطف على الجملة الفعلية نحو أكرمت القوم
ــ
"نحو قام زيد وعمرا أكرمته" الفرق بينه وبين عكسه وهو عمرو أكرمته وقام زيد حيث ترجح الرفع مع أن طلب التناسب بين المتعاطفين يقتضي ترجح النصب فيه أيضا أن النصب فيه يأتي على صورة النصب الضعيف في زيدا ضربته إذا لم يأت بعدها شيء لعدم تقدم مرجحه فتأتي الفعلية بعد استقرار الضعف في الصورة ولا كذلك قام زيد وعمرا أكرمته لأن تقديم الفعلية تقديم لما يستدعي النصب ويمهد له هذا ما أفاد البعض أن ابن هشام استقر رأيه عليه بعد أن كان يقول باستواء الصورتين في ترجح النصب واقتصر الروداني على ما يخالفه فقال كما يترجح النصب لمشاكلة جملة سابقة يترجح لمشاكلة جملة لاحقة نحو زيدا ضربته وأكرمت عمرا. ا. هـ. وكذا في شرح الجامع عن ابن هشام وهو الذي رأيته في مغنيه ولو قيل بتساوي الرفع والنصب في هذه الصورة لكان له وجه فتدبر. قوله: "طلبا للمناسبة إلخ" ولم يعارضه أن الأصل عدم التقدير لضعفه بكثرة الحذف في العربية وقلة تخالف المتعاطفين جدا بل نقل في المغني عن الإمام الرازي أن التخالف قبيح. فاندفع ما قيل إن في الرفع تخلصا من تقدير العامل فلكل مرجح فينبغي التساوي ووجه اندفاعه أن اعتبار التخلص من التخالف أقوى من اعتبار التخلص من التقدير لأن التقدير خطبه سهل والتخالف قليل قبيح لكن محل ذلك ما لم يقتضي الحال تخالفهما كقصد إفادة التجدد في الفعلية والثبوت في الاسمية كقوله تعالى:{سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ}[الأعراف: ١٩٣] . قوله: "فإن الرفع فيه أجود" ما لم يرجح النصب مرجح كوقوع الاسم قبل ذي طلب كأكرم زيدا وأما عمرا فأهنه. قال الرضي ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها إلا مع أما لكونها في غير محلها أو إذا كانت زائدة. قال الدماميني ويمتنع أن يقدر الفعل قبل الفاء لأنه لا يفصل بينها وبين أما بأكثر من جزء واحد.
قوله: "مستأنف إلخ" يقال هذا حينئذٍ خارج بقوله بعد عاطف لأن الواو حينئذٍ ليست عاطفة فلا حاجة لقوله بلا فصل ويمكن دفعه بأنه أتى به دفعا لتوهم أن المراد عاطف ولو صورة فيكون الشارح إنما أخرج هذا بقوله بلا فصل لأنه أصرح في إخراجه. قوله: "تجوز الناظم" أي