حتى زيدًا أكرمته، وما قام بكر لكن عمرًا ضربته، فحتى ولكن حرفا ابتداء أشبها العاطفين، فلو قلت أكرمت خالدًا حتى زيد أكرمته، وقام بكر لكن عمرو ضربته تعين الرفع لعدم المشابهة؛ إذ لا تقع حتى العاطفة إلا بين كل وبعض، ولا تقع لكن إلا بعد نفي وشبه. ثانيها أن يجاب به استفهام منصوب كزيدًا ضربته جوابًا لمن قال:"يهم ضربت؟ أو من ضربت؟ "، ومثل المنصوب المضاف إليه نحو غلام زيد ضربته جوابًا لمن قال: غلام أيهم ضربت؟. ثالثها أن يكون رفعه يوهم وصفًا مخلًّا بالمقصود ويكون نصبه نصًّا في المقصود كما في:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر: ٤٩] إذ النصب نص في عموم خلق
ــ
بتقدير المضاف أي على جملة معمول فعل. قوله:"بعد شبيه بالعاطف" إعطاء لشبه العاطف على الجملة الفعلية حكم العاطف عليها من ترجح النصب بعده طلبا للمناسبة بين المتعاطفين. قال الشارح في شرح التوضيح وإنما لم تكن حتى ولكن في المثالين الآتيين عاطفتين لدخولهما على الجمل والعاطف منهما إنما يدخل على المفردات ووجه الشبه بالعاطف في حتى أن ما بعدها بعض مما قبلها وفي لكن وقوعها بعد النفي ومثل لكن بل. قوله:"حتى زيدا أكرمته" محل كون زيدا منصوبا بفعل مقدر إذا لم يجعل معطوفا على القوم وأكرمته تأكيد أي لأكرمت زيدا الذي تضمنه أكرمت القوم لشمولهم زيدا لا لأكرمت القوم وإن أوهمه كلام بعضهم لاختلافهما مفعولا. قوله:"تعين الرفع" الحق أنه لا يتعين بل يترجح كما يفيده قول المصنف الآتي:
والرفع في غير الذي مد رجح
إذ لا وجه لتعينه غايته أنه حينئذٍ مثل زيد ضربته أفاده سم. قوله:"استفهام منصوب" أي مستفهم به إذ هو الموصوف بالنصب وإنما ترجح النصب ليطابق الجواب السؤال ولهذا لو رفع اسم الاستفهام كما لو قيل أيهم ضربته برفع أي ترجح الرفع في الجواب أفاده يس. قوله:"ومثل المنصوب المضاف إليه" أي إلى المنصوب وتسميته منصوبا باعتبار ما كان وإلا فهو بعد الإضافة مجرورة. قوله:"إذ النصب نص إلخ" اعترضه الرضي بأن المعنى على الوصف بالمخلوقية رفعت أو نصبت جعلت على الرفع خلقناه صفة أو خبرا إذ لا يصح أن يراد كل ما وقع عليه الشيء لأنه تعالى لم يخلق جميع الممكنات غير المتناهية لأن الخلق الإيجاد وغير المتناهي لا يدخل تحت الوجود فلا بد على كل حال من تقييد الشيء بكونه مخلوقا فالمعنى على النصب وعلى الرفع مع كون خلقناه خبرا كل شيء مخلوق خلقناه بقدر وعلى الرفع مع كون خلقناه صفة كل شيء خلقناه كائن بقدر والمعنيان متحدان. وأجاب السعد بأن الشيء اسم للموجود أو مقيد به فلا يرد أنه لم يخلق ما لا يتناهى مع وقوع لفظ الشيء عليه على أنه لو سلم التقييد بالمخلوق فلا نسلم اتحاد المعنيين لظهور الفرق بأن المعنى الأول يفيد أن كل شيء مخلوق مخلوق له تعالى بخلاف الثاني فإن مفاده أن كل شيء مخلوق له تعالى كائن بقدر والمحكوم عليه في الأول أعم منه في الثاني مفهوما بل وما صدقا عند المعتزلة كذا في شرح