وإن تلا المعطوف فعلا مخبرا ... به عن اسم فاعطفن مخيرا
ــ
الأشياء خيرها وشرها بقدر وهو المقصود، وفي الرفع إيهام كون الفعل وصفًا مخصصًا وبقدر هو الخبر، وليس المقصود إيهامه وجود شيء لا يقدر لكونه غير مخلوق، ولم يعتبر سيبويه مثل هذا الإيهام مرجحًا للنصب، وقال النصب في الآية مثله في زيدًا ضربته قال: وهو عربي كثير، وقد قرئ بالرفع لكن على أن خلقناه في موضع الخبر للمبتدأ والجملة خبر إن وبقدر حال، وإنما كان النصب نصًّا في المقصود لأنه لا يمكن حينئذ جعل الفعل وصفًا لأن الوصف لا يعمل فيما قبله فلا يفسر عاملًا فيه ومن ثم وجب الرفع في قوله تعالى:{وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ}[القمر: ٥٢] ، "وإن تلا المعطوف" جملة ذات وجهين غير تعجبية بأن تلا "فعلا مخبرًا به" مع معموله "عن اسم" غير ما التعجبية "فاعطفن مخيرا" في الاسم الاشتغال بين الرفع والنصب على السواء بشرط أن يكون في
ــ
الجامع ببعض زيادة وحينئذٍ فجعل الجملة صفة غير مقصودة لإيهامه ما ذكره الشارح.
قوله:"وفي الرفع إيهام كون الفعل إلخ" إنما قال إيهام لأن الكلام عند رفع كل كما يحتمل كون الفعل وصفا وبقدر خبرا يحتمل كون الفعل خبرا وبقدر حالا من الهاء كما سيذكره الشارح. قوله:"لكونه غير مخلوق" أي له تعالى وهذا مذهب المعتزلة في أفعال العباد الاختيارية والشر. قوله:"ولم يعتبر سيبويه مثل هذا الإيهام مرجحا للنصب" أي لأنه يدفعه المقام فلا ينظر إليه ويلزم عليه مرجوحية قراءة الأكثر والوجه اعتباره مرجحا وأورد الروداني أن إيهام الوصفية حاصل مع النصب أيضا لأنه يجوز كون خلقناه صفة وكل شيء منصوب بخلقناه مقدرا لا من باب الاشتغال والأصل خلقنا كل شيء خلقناه مثل وفعلت فعلتك التي فعلت ثم حذف العامل جواز الدلالة المتأخر عليه وحينئذٍ لا مرجح للنصب وقد يدفع بأن احتمال الوصفية على النصب ضعيف عن احتمالها على الرفع. قوله:"ومن ثم" أي من أجل أن الصفة لا تعمل فيما قبلها فلا تفسر عاملا وقوله وجب الرفع أي لتأتي الوصفية التي بها استقامة المعنى إذ النصب يقتضي أنهم فعلوا في الزبر أي صحف الأعمال كل شيء مع أنهم لم يفعلوا فيها شيئا إذ لم يوقعوا فيها فعلا بل الكرام الكاتبون أوقعوا فيها الكتابة. فإن قلت يستقيم المعنى على النصب إذا جعل الظرف نعتا لكل شيء لأن المعنى حينئذٍ فعلوا كل شيء مثبت في صحائف أعمالهم وهو معنى مستقيم. قلت هو وإن كان مستقيما خلاف المعنى المقصود حالة الرفع إذ المراد فيه أن كل ما فعلوه مثبت في صحائف أعمالهم بحيث لا يغادر صغيرة ولا كبيرة كما في آية:{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ}[القمر: ٥٣] .
قوله:"وإن تلا المعطوف" أي غير المفصول بأما أما المفصول بها نحو زيد قام وأما عمرو فأكرمته فالمختار رفعه ما لم يرجح النصب مرجح كوقوع الاسم قبل الطلب نظير ما مر قاله شارح الجامع. قوله:"جملة ذات وجهين" يعني اسمية الصدر فعلية العجز كما في التسهيل لكن هذا خلاف المعنى المشهور لذات الوجهين وهو ما كانت صغرى باعتبار وكبرى باعتبار نحو أبوه غلامه منطلق في قولنا زيد أبوه غلامه منطلق.