واعلم أن المفاعيل خمسة: مفعول به وقد تقدم في باب تعدي الفعل ولزومه، ومفعول مطلق، ومفعول له، ومفعول فيه، ومفعول معه؛ وهذا أول الكلام على هذه الأربعة: فالمفعول المطلق ما ليس خبرًا من مصدر مفيد توكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده فما ليس خبرًا مخرج لنحو المصدر المبين للنوع في قوله: ضربك ضرب ألم، ومن مصدر مخرج لنحو الحال المؤكدة نحو:{وَلَّى مُدْبِرًا}[النمل: ١، القصص: ٣١] ، ومفيد توكيد عامله إلخ مخرج لنحو المصدر المؤكد في قولك: أمرك سير سير، وللمسوق مع عامله لغير المعاني الثلاثة نحو: عرفت قيامك، ومدخل لأنواع المفعول المطلق ما كان منها منصوبًا لكونه فضلة نحو: ضربت ضربًا، أو ضربًا شديدًا، أو ضربتين، ومرفوعًا لكونه
ــ
نظرنا إلى أن القائم مقامه يعطى حكمه ويعتبر اعتباره كان بينهما العموم والخصوص الوجهي. قوله:"ما" أي اسم وقوله من مصدر بيان لما والمراد المصدر الصريح فلا يقع المؤول مفعولا مطلقا ولم يقل منصوب نظرا إلى أنه قد يرفع نائبا عن الفاعل كما سيذكره وفيه ما سيأتي وإنما خص النفي بالخبر دون غيره كالمبتدأ والفاعل لأنه الذي قد يجيء مبينا لنوع عامله كما في ضربك ضرب أليم أو عدده كما في ضربك ضربتان. قوله:"مفيدا إلخ" مما خرج به كراهتي في قولك كرهت كراهتي على أن كراهتي مفعول به لكرهت إذ هو حينئذٍ لا يؤكد ولا يبين نوع عامله ولا عدده فالاعتراض بأن التعريف صادق عليه غير متوجه.
قوله:"توكيد عامله" أي مصدر عامله الذي تضمنه ليتحد المؤكد والمؤكد إذ ذلك شرط في التأكيد اللفظي الذي هذا منه فمعنى قولك ضربت ضربا أحدثت ضربا ضربا هذا ما أفاده الدماميني والرضي. وبحث فيه بأنه يرفع التجوّز كالنفس والعين وردّ بأن التأكيد اللفظي قد يكون لرفع التجوّز ففي المختصر والمطول وأقره السيد أن نحو قطع اللص الأمير الأمير لرفع توهم التجوز فاعرفه. والمراد إفادته التوكيد من غير بيان نوع أو عدد وإلا فالتوكيد لازم للمفعول المطلق مطلقا وإن كان لا يقصد، وأوفى قوله أو بيان نوعه أو عدده لمنع الخلو لكن تجويزها الجمع بالنظر إلى القسمين الأخيرين كما في ضربت وضربني الأمير لا بالنظر إلى القسم الأول لتقييده بعدم بيان النوع والعدد فلا يجتمع مع واحد من القسمين الأخيرين وبهذا يعلم ما في كلام البعض. قوله:"فما ليس خبرا" لو قال فليس خبرا لكان أحسن إذ لا دخل لما في إخراج ما ذكر ولأن شأن الجنس أن لا يخرج به وقوله لنحو المصدر إلخ أي من كل ما هو خبر ولو غير مصدر. قوله:"لنحو الحال المؤكدة" يتبادر من نحو أن ثم شيئا آخر غير الحال المؤكدة لم يخرج إلا بقولنا من مصدر ولم نعثر عليه فلعله أشار بنحو إلى شيء آخر يخرج بقولنا من مصدر وإن خرج بما بعده أيضا كالجملة المحكية بالقول بناء على الصحيح أنها مفعول به فاعرفه.
قوله:"المصدر المؤكد" هو المصدر الثاني المؤكد للخبر ووجه خروجه أنه لم يؤكد عامله بل مثله ولا بين نوعه لأن الذي بين نوع عامله هو المصدر الأول. قوله:"أو مرفوعا إلخ"