نائبًا عن الفاعل نحو: غُضب غَضب شديد. وإنما سمي مفعولًا مطلقًا لأن حمل المفعول عليه لا يحوج إلى صلة؛ لأنه مفعول الفاعل حقيقة، بخلاف سائر المفعولات فإنها ليس بمفعول الفاعل. وتسمية كل منها مفعولًا إنما هو باعتبار إلصاق الفعل به أو وقوعه لأجله أو فيه أو معه. فلذلك احتاجت في حمل المفعول عليها إلى التقيد بحرف الجر بخلافه، وبهذا استحق أن يقدم عليها في الوضع وتقديم المفعول به لم يكن على سبيل القصد بل على سبيل الاستطراد والتبعية. ولما كان المفعول المطلق هو المصدر مع ضميمه شيء آخر كما عرفت بدأ بتعريف المصدر لأن معرفة المركب موقوفة على معرفة أجزائه فقال:"المصدر اسم ما سوى الزمان من مدلولي الفعل" أي اسم الحدث؛ لأن الفعل يدل
ــ
فيه أنه بعد رفعه لا يسمى اصطلاحا مفعولا مطلقا بل نائب فاعل. قوله:"لأن حمل المفعول عليه" أي اطلاق لفظ المفعول على جزئياته أو المراد الإخبار بالمفعول عن جزئياته. قوله:"لا يحوج إلى صلة" أي بالحرف أو الظرف أو المراد لا يحوج إلى ذلك لغة فلا ينافي أنه مقيد عند النحاة بالإطلاق ولهذا قال في المغني المفعول إذا أطلق في اصطلاح النحاة إنما ينصرف إلى المفعول به لأنه أكثر دورانا في الكلام ولا يصدق على المصدر المكذور إلا مقيدا بقيد الإطلاقي. قوله:"لأنه مفعول الفاعل حقيقة" أي الفعل الذي يصح إسناده إليه وليس المراد أنه موجد له حتى يرد مات موتا والمراد بالإسناد ما يعم ما على جهة الإيجاب أو السلب فلا يرد لم يضرب زيد ضربا. قوله:"فإنها ليست بمفعول الفاعل" أورد عليه المفعول لأجله وبعض أفراد المفعول به نحو كرهت قيامي ولك أن تقول المراد مفعول الفاعل من حيث أنه فاعل لذلك الفعل المذكور فيخرج ما ذكر فتأمل. قوله:"باعتبار إلصاق الفعل به" وإن لم يكن موجودا قبل ذلك الفعل نحو خلق الله السموات فالسموات مفعول به وإن كان وجودها بذلك الفعل لا قبله ومن جعلها مفعولا مطلقا كالشيخ عبد القاهر بناه على ما التزمه من أن المفعول به ما كان موجودا فأوجد الفاعل فيه شيئا آخر وغيرهم لا يلتزمون ذلك. قوله:"إلى التقييد بحرف الجر" أي أو الظرف كما في المفعول معه أو أراد بحرف الجر عامله مطلقا. قوله:"والتبعية" أي لبيان تعدي الفعل ولزومه وبعضهم قدمه على سبيل القصد لكثرته، والعطف قال شيخنا عطف سبب أو تفسير مراد.
قوله:"مع ضميمة شيء آخر" أي كونه غير خبر ومفيد تأكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده كلما أشار إلى ذلك المصنف بقوله توكيدا إلخ. قوله:"المصدر إلخ" لا يقال يدخل في هذا التعريف اسم المصدر لأنا نقول اسم المصدر ليس مدلوله الحدث بل لفظ المصدر كما صرح به الشيخ خالد ونقله الدماميني عن ابن يعيش وغيره وأقره أفاده سم. وقيل مدلوله الحدث كالمصدر لكن دلالته عليه بطريق النيابة عن المصدر وعلى هذا يخرج اسم المصدر من تعريف المصدر بأن تقيد الدلالة على الحدث في تعريفه بالأصالة. قوله:"اسم ما سوى الزمان من مدلولي الفعل"