الانتصاب مع الموجب متحتم اتفاقًا، سواء كان المستثنى متصلًا وهو ما كان بعضًا من
ــ
وما كف إلا ماجد ضرّ بائس
وقوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا}[يوسف: ١٠٩، النحل: ٤٣] ، إلى قوله:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ}[آل عمران: ١٨٤، النحل: ٤٤] ، ووافقه ابن الأنباري في المرفوع والأخفش في الظرف والمجرور والحال نحو ما جلس إلا زيد عندك، وما مر إلا عمرو بك، وما جاء إلا زيد راكبا واختاره أبو حيان. ا. هـ. باختصار وقوله ويستثنى من هذا المستثنى منه وصفته أي وما فرغ له العامل نحو ما ضرب إلا زيد. قوله:"مع تمام أي غير مفرغ" في تفسير الشارح إشارة إلى أن التمام بمعنى التام أي مع العامل التام ولا حاجة إلى ذلك إذ يصح إبقاء التمام على مصدريته أي مع ذكر المستثنى منه أي ولو بالضمير المستتر. قوله:"موجبا كان" أي العامل التام وعلى هذا التعميم يكون قوله الآتي وبعد نفي إلخ تفصيلا لما أجمل هنا ويجوز أن يقيد ما هنا بالإيجاب بقرينة ما يأتي فيكون مقابلا له وهو أظهر، والمراد بالانتصاب على الأول ما يعم الواجب والجائز، وعلى الثاني الواجب. قوله:"متحتم اتفاقا" فيه نظر فإن الاتباع جائز في لغة حكاها أبو حيان وخرّج عليها قراءة بعضهم شذوذا فشربوا منه إلا قليل منهم وسيأتي أنه في تأويل لم يكونوا مني بدليل: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي}[البقرة: ٢٤٩] ، قال شيخنا الظاهر أن الوجوب إضافي بالنسبة لامتناع الاتباع فلا يرد أنه يجوز في الاسم بعد إلا في التام الموجب رفعه على أنه مبتدأ مذكور الخبر أو محذوفه ويكون المستثنى حينئذٍ الجملة كما قاله الفارضي وغيره. ا. هـ. وظاهر اطلاقه جريان ما ذكر في المتصل والمنقطع ولا بعد فيه بل يأتي ما يؤيده، وعبارة الدماميني: اعلم أن المستثنى المنقطع قد يكون مفردا كما تقدم وقد يكون جملة نحو: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ، فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ}[الغاشية: ٢٢-٢٤] ، قال ابن خروف من بمتدأ ويعذبه الله الخبر والجملة في موضع نصب على الاستثناء المنقطع. قلت وأهمل الأكثرون عدّ هذه الجملة في الجمل التي لها محل من الإعراب وينبغي أن تعد على هذا. ا. هـ. أقول ممن عدها منها صاحب المغني فإنه قال والحق أنها تسع والذي أهملوه الجملة المستثناة والجملة المسند إليها ومثل الأولى بالآية ونقل كلام ابن خروف فيها وبقراءة بعضهم:{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا}[البقرة: ٢٢٩] ، على قول الفراء إن قليل مبتدأ حذف خبره أي لم يشربوا ثم قال وأما الثانية فنحو:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ}[البقرة: ٦، يس: ١٠] ، إذا أعرب سواء خبرا وأنذرتهم مبتدأ ونحو تسمع بالمعيدي خير من أن تراه إذا لم يقدر الأصل أن تسمع بل قدر تسمع قائما مقام السماع كما أن الجملة بعد الظرف في نحو:{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ}[الكهف: ٤٧] ، وفي نحو:{أَأَنْذَرْتَهُمْ}[البقرة: ٦] ، في تأويل المصدر وإن لم يكن معهما حرف سابك. ا. هـ. ومتى كان ما بعد إلا جملة فإلا بمعنى لكن ولو كان الاستثناء متصلا كما في الدماميني عن توضيح الناظم لكن إن نصب تالي إلا فهي كلكن المشددة وإن رفع فكالمخففة.
قوله:"سواء كان المستثنى متصلا" هكذا في نسخ وعليه فتعريفاه للمتصل والمنقطع