المستثنى منه أو منقطعًا وهو ما لم يكن كذلك. وسواء كان متقدمًا على المستثنى منه أو متأخرًا عنه، تقول: قام القوم إلا زيدًا، وخرج القوم إلا بعيرًا، وقام إلا زيدًا القوم. وخرج إلا بعيرًا القوم. وهكذا تقول مع عامل النصب والجر.
تنبيه: ناصب المستثنى هو إلا، لا ما قبلها بواسطتها، ولا مستقلا، ولا استثنى
ــ
ظاهران لا تحتاج صحتها إلى تقدير، لكن الأشهر جعل الاتصال والانقطاع وصفين للاستثناء لا المستثنى. وفي نسخ سواء كان الاستثناء متصلا وهو الموافق للأشهر، لكن عليه تحتاج صحة تعريفه للمتصل إلى تقدير أي وهو ذو ما كان بعضا أي وهو الاستثناء صاحب المستثنى الذي كان بعضا وكذا تعريفه المنقطع والصحيح أن الاستثناء حقيقة في المتصل مجاز في المنقطع لتبادر المتصل منه إلى الفهم عند التجرد عن القرائن وهذا شأن الحقيقة وقيل مشترك لفظي فيهما وقيل معنوي. قوله:"ما كان بعضا من المستثنى منه" أولى من قول غيره ما كان من جنس المستثنى منه لأنه يصدق على قام القوم إلا حمارا وجاء بنوك إلا ابن زيد مع أنهما من المنقطع. وتأويل الجنس بالنوع إنما يدفع ورود الأول لا الثاني ولأنه يخرج عنه نحو أحرقت زيدا إلا يده مما كان فيه المستثنى جزءا من المستثنى منه مع أنه من المتصل، ويعلم من هذا أن المراد بالبعض في التعريف ما يشمل الفرد والجزء. واعترض على تعريف المنقطع بما ذكر بأنه لا يشمل الاستثناء في قوله تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}[الدخان: ٥٦] ، وقوله تعالى:{لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[البقرة: ١٨٨] ، فإن المستثنى فيهما بعض من المستثنى منه ومن جنسه مع أن الاستثناء منقطع، فينبغي أن يقال إن الاستثناء المتصل أن يحكم على ما بعد إلا مثلا وهو بعض مما قبلها بنقيض ما حكم به على ما قبلها فإن فقد أحد القيدين كان منقطعا ففقد القيد الأول نحو قام القوم إلا حمارا وفقد الثاني نحو الآيتين فإنه لم يحكم على الموتة الأولى بذوقهم لها في الجنة الذي هو نقيض عدم ذوقهم لها فيها، ولا على التجارة عن التراضي بعدم منع أكلها بالباطل الذي هو نقيض منع أكلها بالباطل أفاده الشهاب القرافي، وأسهل منه أن يقال في تعريف المتصل إخراج شيء دخل فيما قبل إلا مثلا بها.
قوله:"أو منقطعا" شرطه أن يناسب المستثنى منه فلا يجوز قام القوم إلا ثعبانا وأن لا يسبق ما هو نص في خروجه فلا يجوز صهلت الخيل إلا الإبل بخلاف صوتت الخيل إلا الإبل نقل شيخنا الأول عن الحلبي والثاني عن الشارح، وصرح به الدماميني. قوله:"لا ما قبلها بواسطتها" هذا رأي السيرافي وعزاه ابن عصفور وغيره إلى سيبويه والفارسي وجماعة من البصريين. وقال الشلوبين هو مذهب المحققين وعدل عن قوله في التسهيل لا بما قبلها معدي بها لأن التعدية إنما هي معروفة في الفعل وشبهه فلا تتناول عبارته بحسب الظاهر نحو قولك القوم إخوتك إلا زيدا كذا في الدماميني وإنما قال بحسب الظاهر لأنه إذا أول إخوتك المنتسبين لك بالأخوة كان من