ما اتصل" لما قبل إلا في إعرابه فمثاله بعد النفي لفظًا ومعنى: ما قام أحد إلا زيد، وما رأيت أحدًا إلا زيدًا، وما مررت بأحد إلا زيد. ومثاله بعد النفي معنى دون لفظ قوله:
٤٥٨- وبالصريمة منهم منزل خلق ... عاف تغير إلا النؤي والوتد
فإن تغير بمعنى لم يبق على حاله. ومثال شبه النفي لا يقم أحد إلا زيد، وهل قام أحد إلا زيد، {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران: ١٣٥] .
تنبيهات: الأول المستثنى عند البصريين والحالة هذه بدل بعض من المستثنى منه.
ــ
"انتخب اتباع ما اتصل" أي إن لم يطل الفصل بين التابع والمتبوع ولم يكن ردا لكلام تضمن استثناء ولم يتقدم المستثنى على المستثنى منه كما سيأتي في المتن، وإلا كان المختار النصب نحو ما جاءني أحد حين كنت جالسا هنا إلا زيدا لأن اختيار الاتباع ليتشاكل المستثنى والمستثنى منه ومع طول الفصل لا يتبين ذلك، ونحو ما قاموا إلا زيدا ردا لقول قائل قاموا إلا زيدا. ليتطابق الكلامان ودعوى بعضهم تعين النصب في هذه الصورة مردودة كما أفاده الدماميني بل نازع أبو حيان في اختيار النصب فيها وفي الصورة قبلها كما في الهمع ونحو ما قام إلا زيدا أحد. وإذا انتقض النفي أو النهي بإلا كانا في حكم الإثبات فينصب ما بعد إلا الثانية نحو ما شرب أحد إلا الماء إلا زيدا، ولا تأكلوا إلا اللحم إلا عمرا، وما مررت بأحد إلا قائما إلا بكرا، فهذا ونحوه بمنزلة ما لا نفي فيه ولا نهي إذا المعنى شربوا الماء إلا زيدا وكلوا اللحم إلا عمرا ومررت بهم قائمين إلا بكرا قاله الدماميني، وظاهر المتن والشرح اختيار الاتباع على البدلية في صورة نصب المستثنى منه أيضا نحو ما ضربت أحدا إلا زيدا وبه صرح في المغني قال الدماميني ومقتضى التعليل بتشاكل المستثنى والمستثنى منه تساوي البدلية والنصب على الاستثناء في هذه الصورة. قوله: "وبالصريمة" أي في الرملة المنصرمة من معظم الرمل. والخلق بفتحتين البالي، والعافي الدارس، والنؤى بنون مضمومة وهمزة ساكنة حفيرة حول الخباء تصنع لمنع دخول ماء المطر. والوتد معروف.
قوله: "ومن يغفر الذنوب" أي أيّ موجود، أي ليس موجود يغفر الذنوب إلا الله فاندفع ما قيل إن الكلام في الاستثناء من كلام تام وما في الآية مفرغ. قوله: "الأول المستثنى" أي وحده على المشهور وقال غير واحد من المحققين المستثنى مع إلا لأن البدل يحل محل الأول فيقال ما قام إلا زيد ولا يقال ما قام زيد وحينئذٍ لا يرد الاعتراض الذي سيذكره الشارح ولا يخرج على هذا القول عن كونه بدل بعض لأن إلا زيد بمعنى غير زيد، وغير زيد بعض أحد لصدق أحد بزيد
٤٥٨- البيت من البسيط، وهو للأخطل في ديوانه ص١١٤؛ وشرح التصريح ١/ ٣٤٩؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٧٠؛ وشرح عمدة الحافظ ص٣٨٠؛ والمقاصد النحوية ٣/ ١٠٣؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ٢٥٥؛ ومغني اللبيب ١/ ٢٧٦.