وعند الكوفيين عطف نسق قال أبو العباس ثعلب: كيف يكون بدلًا وهو موجب ومتبوعه منفي. وأجاب السيرافي بأنه بدل منه في عمل العامل فيه، وتخالفهما في النفي والإيجاب لا يمنع البدلية لأن سبيل البدل أن يجعل الأول كأنه لم يذكر والثاني في موضعه. وقد يخالف الموصوف والصفة نفيًا وإثباتًا نحو مررت برجل لا كريم ولا لبيب. الثاني إذا تعذر البدل على اللفظ أبدل على الموضوع نحو ما جاءني من أحد إلا زيد ولا أحد فيها إلا
ــ
وغيره هذا هو الأظهر ونقل شيخنا عن الشارح ما يفيد أنه على هذا بدل كل من كل وتوجيهه أن غير زيد نفس المنفي عنه القيام في الواقع وإن كان بعض مدلول لفظ أحد لغة. قوله:"بدل بعض" ولا يحتاج هنا إلى ضمير رابط لأن إلا قرينة على أن الثاني كان بعض ما يتناوله الأول لولاها قاله الدماميني. قوله:"عطف نسق" أي لأن إلا عندهم من حروف العطف في الاستثناء خاصة. ا. هـ. تصريح ورد الجمهور مذهبهم باطراد نحو ما قام إلا زيد وليس لنا حرف عطف يلي العامل باطراد. وأجاب ابن هشام بأنه ليس تاليها في التقدير إذ الأصل ما قام أحد إلا زيد قال الدماميني لكن يلزم عليه جواز حذف المعطوف عليه باطراد والفرض أنه غير مطرد.
قوله:"قال أبو العباس إلخ" اعتراض على مذهب البصريين واعترض أيضا بأن بدل البعض لا بد فيه من ضمير يربطه بالمبدل منه وهو مفقود في نحو ما قام أحد إلا زيد وجوابه أن خصوص ربطه بالضمير غير واجب إنما الواجب مطلق ربطه وهو حاصل في المثال بإلا لدلالتها على إخراج الثاني من الأول وكونه بعضا منه كما مر عن الدماميني. قوله:"وهو موجب ومتبوعه منفي" أي ويجب تطابق البدل والمبدل منه إثباتا ونفيا ومحصل الجواب منع ذلك والسؤال والجواب مبنيان على القول بأن البدل هو المستثنى وحده دون القول بأنه هو مع إلا وهو المفهوم من قول الرضي كما جاز في نحو مررت برجل لا ظريف ولا كريم أن يجعل حرف النفي مع الاسم بعده صفة والإعراب على الاسم، كذلك يجوز في ما جاء القوم إلا زيد أن يجعل قولنا إلا زيد بدلا والإعراب على الاسم. ا. هـ. ونقله الدماميني عن بعض الفضلاء وأيده. قوله:"في عمل العامل" أي مماثل العامل لما عرفت أي بقطع النظر عن النفي والإثبات فقولهم هو المقصود بالنسبة أي نسبة مثل العامل بقطع النظر عن النفي والإثبات. قوله:"كأنه لم يذكر" أي ولا تعلق للنفي والإثبات بذلك. قوله:"وقد يتخالف الموصوف والصفة" الظاهر أنه تأييد لمنع وجوب توافق البدل والمبدل منه بأن لتخالفهما في ذلك نظيرا وهو تخالف الصفة والموصوف فسقط ما ذكره البعض ومثلهما المعطوف والمعطوف عليه نحو قام زيد لا عمرو. قوله:"إذا تعذر البدل على اللفظ إلخ" التمثيل بلا أحد فيها إلا زيد يدل على أنهم أرادوا باللفظ ما يشمل المحل المجدد بدخول العامل الموجود فإن المنفي في المثال التبعية للنصب محلا لا لفظا قاله سم. قوله:"أبدل على الموضع" قال البهوتي انظر ما الحكمة في ارتكاب هذا التكلف مع أن القاعدة أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ومثلوا له بنحو قوله تعالى:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}[البقرة: ٣٥، الأعراف: ١٩] ، كما مر بيانه أي فهلا جاز جرما بعد إلا في المثال الأول