فالنَّعتُ تابِعٌ مُتِمُّ ما سَبَقْ ... بوَسْمِه أو وَسْمِ ما بِهِ اعْتَلَقْ
ــ
والتوكيد يتضمن حقيقة الأول فقط. وقدم في الكافية النعت كما هنا. وكذا فعل أبو الفتح والزجاجي والجزولي نظرًا لما سبق في التنبيه الرابع. "فالنعت" في عرف النحاة "تابع متم ما سبق" أي: مكمل المتبوع "بِوَسْمِه" أي: بوسم المتبوع أي: علامته "أو وسم ما به اعتلق" فالتابع جنس يشمل جميع التوابع المذكورة، ومتم ما سبق مخرج للبدل والنسق، وبوسمه أو وسم ما به اعتلق مخرج لعطف البيان والتوكيد؛ لأنهما شاركا النعت في إتمام ما سبق؛ لأن الثلاثة تكمل دلالته وترفع اشتراكه واحتماله، إلا أن النعت يوصل إلى ذلك بدلالته على معنى في المنعوت أو في متعلقه، والتوكيد والبيان ليسا كذلك. والمراد بالمتم المفيد ما يطلبه المتبوع بحسب المقام من توضيح نحو: جاءني زيد التاجر أو التاجر أبوه، أو تخصيص نحو: جاءني رجل تاجر أو تاجر أبوه، أو تعميم نحو: يرزق الله عباده الطائعين والعاصين الساعية أقدامهم والساكنة أجسامهم، أو مدح نحو: الحمد لله رب العالمين الجزيل عطاؤه، أو ذم نحو: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} ، أو تَرَحُّم
ــ
المعنوي بالنفس والعين, وأما بكل وأجمع ففيه نظر لزيادته لإفادة الشمول فتأمل. قوله:"وحالًا من أحواله" هذا في النعت الحقيقي, واقتصر عليه لكونه الأصل. قوله:"نظرًا لما سبق إلخ" أي: من كونه يبدأ به عند اجتماع التوابع. قوله:"متم ما سبق" أي: المقصود منه أصالة إتمام متبوعه أي: إيضاحه أو تخصيصه كما سيأتي, فلا يرد النعت لغير الإيضاح والتخصيص كالمدح والذم والتأكيد؛ لأن هذا أمر عارض, ومنه النعت الكاشف إذا خوطب به العالم بحقيقة المنعوت وسيدفع الشارح الإيراد بوجه آخر. وبحث في التعريف بأنه غير مانع لشموله, لقولهم: يا هذا ذا الجمة, مع أنه عطف بيان عند سيبويه كما سيأتي, والمراد ما سبق ولو تقديرًا ليشمل المنعوت المحذوف. قوله:" بوسمه" الباء سببية والوسم يطلق بمعنى العلامة, وجرى على هذا الشارح وعليه يقدر مضاف أي: بإفهام وسمه. ويطلق بالمعنى المصدري وهو الوسم بالسمة, وهي العلامة ولا تقدير على هذا. ومعنى العبارة تابع مكمل لمتبوعه بسبب دلالته على معنى في متبوعه, أو في سببي متبوعه والمراد الدلالة التضمنية, فلا يرد علمه من قولنا: نفعني زيد علمه؛ لأن دلالة لفظ علم على المعنى الذي في زيد مطابقية لا تضمنية.
قوله:"مخرج للبدل والنسق" لأنهما لا يتمان متبوعهما لا بإيضاح ولا تخصيص أي: لم يقصد بهما ذلك أصالة فلا ينافي عروض الإيضاح للبدل بل ولعطف النسق في بعض الصور. قوله:"أو في متعلقه" بكسر اللام أي: ما تعلق به وهو السببي. قوله:"ليسا كذلك" لأن البيان عين الأول وكذا التوكيد اللفظي والمعنوي بالنفس والعين, وأما بكل وأجمع ففيه ما تقدم. قوله:"من توضيح" المراد به رفع الاشتراك اللفظي في المعارف, وبالتخصيص تقليل الاشتراك المعنوي في النكرات, فالنعت في الأول جار مجرى بيان المجمل وفي الثاني جار مجرى تقييد المطلق أفاده في التصريح. قوله:"أو تعميم" مجيء النعت للتعميم وما بعده مجاز؛ لأن أصل وضعه