للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تشتمل على أكداس من تفاصيل الشدة والتنغيم والنطق الفجائي، مما لا يستطيع رسم تصويرها مهما بلغ من درجات الكمال.

ففكرة عمل رسم صوتي يطبق على جميع اللغات سراب خداع؛ لأن تنوعات النطق من الكثرة بدرجة يستحيل معها أن يكون الرسم غير تقريبي, وهذا ما نراه في المحاولات التي عملت لإيجاد رسم واحد منسجم لكتابة الأعلام الجغرافية, فقد اصطدم القائمون بهذا الأمر بتلك الصعوبة الدائمة، وهي أن الرسم لا يخلو أبدا من الإيقاع في اللبس١. بل إن علماء اللغة يلاقون أشد العناء في وضع نظام ينطبق على اللغات التي يدرسونها٢.

إما إذا أردنا أن نصل بمبدأ الرسم الصوتي إلى غايته الحتمية، فإن ذلك يؤدي بنا تقريبا إلى عمل نظم من العلامات المختلفة لكل لغة على حدتها؛ لأنه لا يوجد إلا القليل من اللغات التي تتفق في نظامها الصوتي وفي نظام حركات جهازها النطقي فلا يكاد يوجد صوت واحد مشترك بين الإنجليزية والفرنسية, وإذن يجب وضع علامات مختلفة لرسم الإنجليزية. وهذا يؤدي بنا إلى أن نجعل عدد علامات الرسم غير محدود, لكل ذلك كان من الخير أن ندع الأمور على ما هي عليه، إذ إنه يتحتم على من يريد معرفة قيمة العلامة أن يكون قد سمع الكلام باللغة التي هو بصددها كما بينا سابقا.

نضيف إلى ذلك أن أتم نظم الرسم لا تستطيع مطلقا أن تصور الخصائص اللهجية، وأنه لا يمكننا أن نشير في الكتابة مثلا إلى خصائص النطق التي يتميز بها أهل البيكاردي أو الفرنش كنتيه، بله أهل مرسييا أوجسكونيا.

وهذه صعوبة أولى.

وهناك صعوبة ثانية ترجع إلى أن الرسم الصوتي يصاب بالقصور على مرور


١ انظر كرستيان جرنييه: طريقة عقلية عامة لرسم الأسماء الجغرافية، يمكن أن تطبق على جميع الكتابات المستعملة في العالم، باريس ١٨٩٩.
٢ برجمان Brugmann، رقم ٣٠، مجلد ٧، ص١٦٧؛ هـ. هرت H. Hirt في صعوبة الرسم، رقم ٣٠، مجلد ٢١، ص١٤٥، وكرستيان برتولومار Chr. Barthalomar رقم ٣٠, مجلد ٢١، ص٣٦٦؛ ي. فكرناجل، رقم ٣٠، مجلد ٢٢، ص٣١٠.

<<  <   >  >>