التفريق بين اللغات بالنسبة لهذا الاعتبار. ويدهش الإنسان أحيانا بحق عندما يرى اختلاف لغات مثل الإنجليزية والألمانية والفرنسية والأسبانية من حيث قيمة الرسم. فرسم الألمانية لا يعد رديئا ورسم الأسبانية جيد جدا، أما رسم الإنجليزية أو الفرنسية فسيئ, ولا يمكن أن يسبقهما في هذا المضمار إلا رسم لغة التبت أو اللغة الإيرلندية, وقد ذكر بعض علماء اللغات الكلتية على سبيل التسلية رسم بعض الكلمات الإيرلندية من قبيل saoghal و lanamhain و Oidhche و cathughadh التي تنطق على وجه التقريب sil و lanun و i و cahu. وبهذا تستطيع الإيرلندية أن تستثير غيرة الفرنسية التي تكتب oiseau ما تنطقه wazo والإنجليزية التي تكتب و enough و knight و Wrought وتنطق enaf و naft و rot. ولكنا لا ينبغي لنا أن ننسى الظروف المخففة في حكمنا على هذه اللغات، فالاختلافات التي نلاحظها بين الرسوم المختلفة ترجع إلى أسباب تاريخية.
لنلاحظ أولا وقبل كل شيء أن اللغات المشتركة التي تعبر عنها هذه الرسوم قد تكونت في عهود على جانب من القدم, ثم لنلاحظ بعد ذلك أن التطور الصوتي في بعض اللغات أسرع منه في غيرها وأنه يغير نطق الكلمات تغييرا تاما؛ فالإيطالية والأسبانية قد بقيتا أقرب إلى اللاتينية من الفرنسية بكثير. والإنجليزية قلبت النظام الصوتي الذي ورثته عن الجرمانية, ولنلاحظ على وجه الخصوص أن الظروف التي نشأت فيها الرسوم كانت تختلف في كل قطر عنها في الآخر, وقد أثر على الرسم كثير من الأسباب الخارجية بل والفردية, مثل ذلك تأثير المصلح الديني الغالي سالسبوري Salisbury الذي صارت ترجمته للكتاب المقدس في سنة ١٥٦٧ حجة، فالعادة التي أدخلها في كتابة الضمير الذي لا ينطق إلا i "اِي" على هذا النحو ei ظلت متبعة حتى أيامنا هذه. وفي روسيا أثر تقاليد اللغة السلافية القديمة، وهي لغة دينية كانت من القوة بحيث جعلت الروسية الحديثة تكتب حالة من حالات الإضافة togo في حين تنطقها tavo, وتأثر الرسم عندنا في نهاية القرن السادس عشر بأثر العلماء المشربين بالروح الكلاسيكية ومسائل علم الاشتقاق. فهم أول المسئولين عن المتاعب التي نعاني اليوم نتائجها، ولكنهم كانوا على اتفاق