للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَخَالَفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: فَزَعَمَ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَيْسَتْ بِحَمْنَةَ.

أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ، أَبْنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَزْهَرِ، ثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، فَذَكَرَهُ.

قَالَ: وَحَدِيثُ ابْنُ عُقَيْلٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ أُمِّ حَبِيبَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ رُبَّمَا قَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: (حَبِيبَةُ بِنْتُ جَحْشٍ) وَهُوَ خَطَأٌ، إِنَّمَا هِيَ أُمُّ حَبِيبَةَ، كَذَلِكَ قَالَهُ أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ سِوَاهُ.

وَحَدِيثُ ابْنُ عُقَيْلٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُعْتَادَةِ إِلا أَنَّهَا شَكَّتْ، فَأَمَرَهَا إِنْ كَانَ سِتًّا أَنْ تَتْرُكَهَا سِتًّا، وَإِنْ كَانَ سَبْعًا أَنْ تَتْرُكَهَا سَبْعًا، وَالْمُبْتَدَأَةُ تَرْجِعُ إِلَى أَقَلِّ الْحَيْضِ؛ وَيُحْتَملُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ، فَتَرْجِعُ إِلَى الأَغْلَبِ مِنْ حَيْضِ النِّسَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ.

وَحَمْلُهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى الْمُعْتَادَةِ الشَّاكَّةِ أَوْ عَلَى الْمُبْتَدَأَةِ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ فِي النَّاسِيَةِ الَّتِي لا عَادَةَ لَهَا وَلا تَمْيِيزَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْصِلْ حَمْنَةَ: هَلْ هِيَ مُبْتَدَأَةٌ أَوْ نَاسِيَةُ؟ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهَا نَاسِيَةً أَكْثَرُ، فَإِنَّ حَمْنَةَ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، كَذَلِكَ قَالَ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَلَمْ يَسَلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَمْيِيزِهَا، لأَنَّهُ قَدْ جَرَى فِي كَلامِهَا مِنْ تَكْثِيرِ الدَّمِ وَصِفَتِهِ مَا أَغْنَى عَنِ السُّؤَالِ عَنْهُ، وَلَمْ يَسْأَلْهَا: هَلْ لَهَا عَادَةٌ؟ فَيَرُدَّهَا إِلَيْهَا، لاسْتِغْنَائِهِ عَنْ ذَلِكَ بِعِلْمِهَا إِيَّاهُ، إِذْ كَانَ مُشْتَهِرًا عَنْهُ، وَقَدْ أَمَرَ بِهِ أُخْتَهَا أُمَّ حَبِيبَةَ، فَلَمْ يَكُنْ

<<  <   >  >>