للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المصري، فهي حادث من حوادث مصر البارزة، وتعطيلها لون من ألوان الضغط على الحريات العامة.

لم يذكر اللورد كرومر هذا الحادث، ولم يفصل تاريخ الوزارة النوبارية مع الصحف وهو تاريخ حافل كان تعطيل الأهرام مثلًا من أمثلته، وكان قرار هذه النظارة بمنع جريدة "العروة الوثقى" من الدخول إلى مصر مثلًا ثانيًا للضيق بالرأي الحر، فقد أصدر مجلس النظار في أول مايو عام ١٨٨٤ قراره هذا "حفظًا للنظام العمومي"١ وسيأتي الحديث عنها في فصل خاص بالصحف المصرية في الخارج، ثم ألغيت الوطن في نفس السنة٢؛ لأن صاحبها "نهج في جريدته منهج عدم الاستقامة المخالفة بنشر الجمل والأخبار المشوشة للأفكار والموجبة للقلق والاضطراب"٣.

ومن الغريب حقًّا أن تلغي "الوطن" وهي من الصحف الموالية لرئيس الحكومة الذي أصدر الأمر بإلغائها فهي تستقبل الحكومة والاحتلال بعد الثورة العرابية استقبالًا منقطع النظر، وهي تحمل على العرابيين وإن مزجت الحملة بلون من التعصب الديني٤ وهي تحمل على استبدال النفي بحكم الإعدام في قضية عرابي حملة استغرقت معظم الصفحة الأولى منها، فإذا أحست أن هذه الحملة آلمت الإنجليز وهم أصحاب الرأي في استبدال هذا الحكم اعتذرت بقولها "قد رأينا أن ندفع ما علق بأوهام البعض من أننا نددنا على انجلترا في مصر والحال أننا لم نأتِ شيئًا إدّا ولم نخرج عن الحد أبدًا ولم نستعمل حدة ولا شدة في كلامنا على نتيجة محاكمة البغاة بل إن جريدة "الوطن" دون غيرها طالما دافعت عن سياسة إنجلترا ونشرت مآثر أهلها ومكارم أخلاقهم.

ولما اشتد كرب تلك الفئة الباغية كنا نتمنى لو أتت دولة البرابرة لتنقذنا من


١ الوقائع المصرية في ١٥ مايو عام ١٨٨٤.
٢ الوقائع المصرية ١٢ مارس عام ١٨٨٤.
٣ الداخلية دوسيه رقم ٤ مكرر.
٤ الوطن ٢٥ نوفمبر عام ١٨٨٢.

<<  <   >  >>