اعتبرت مصر تحت الحماية البريطانية في الحرب العظمى منذ ٢ نوفمبر عام "١٩١٤"١ فلم تعد الصحافة المصرية قادرة على أداء وظيفتها إذ خضعت لرقابة الرقيب، ثم أعلنت الهدنة وأخذ المصريون يطالبون بحقهم في الحياة الحرة المستقلة، وأثر عن هذه المطالبة بحقوق مصر أن تألف الوفد المصري برياسة سعد زغلول باشا وكيل الجمعية التشريعية المنتخب، وكان موقف الصحافة المصرية إذ ذاك موقفًا حرجًا دقيقًا، غير أن أمين الرافعي استطاع في وقت الضيق الذي نزل بصحافة مصر أن يصدر صحيفة "الأخبار" في ٢٢ فبراير سنة ١٩٢٠ وهي أهم وأخطر صحف ذلك العهد من حيث تحريرها أو تعبيرها عن الأماني المصرية، وصاحبها رجل حنكته التجربة الصحفية وله في تاريخ الصحافة المصرية مواقف قلما وقف إلى جانبه فيها صحفي من الصحفيين المعارضين، وقد قطع حياته الصحفية مثلًا من أمثلتها الرائعة سواء كانت قبل الحرب العظمى أو بعدها.
وقد حملت "الأخبار" لواء الفكرة الوطنية، زاملتها "الأهرام" بعد وصول لجنة ملنر في ٧ ديسمبر سنة ١٩١٩، فخرجت عن تحفظها ومضت قدمًا إلى الجانب المصري تعبر عن الأماني المصرية أحسن تعبير، وقد أطلقت حرية الصحافة بالرغم من القيود الرسمية المفروضة عليها، وأكبر الظن أن بعثة ملنر " Milner" داخلًا في تقرير هذه الحرية التي بدونها يعز على هذه البعثة فهم الموقف على حقيقته، وقد أشار تقرير ملنر إلى