ذلك كله١ ثم صدرت جريدة "الاستقلال" لمحمود عزمي في مايو عام ١٩٢١ وحرر فيها طه حسين، وكان الصحيفة خالية من العنف الذي أثر عن جريدة "الأخبار" ثم نقل امتيازها فيما بعد إلى جبرائيل تقلا صاحب "الأهرام" وقد ظهرت الاستقلال في فترة الخلاف فيها بين الوطنيين على مسائل تتصل بالمفاوضات.
ومنذ اختلاف الوطنيين على تفاصيل الحركة الوطنية، وتوزع طرائق النظر إلى الأهداف العليا، بدأ المصريون يؤلفون الأحزاب والشيع، فكان هناك الوفد المصري بزعامة سعد زغلول وكان كثير من أعضائه أعضاء في حزب الأمة القديم، ونشأ حزب الأحرار الدستوريين من بعض أعضاء هذا الوفد، وأصدر هذا الحزب جريدة "السياسة" في ٣٠ أكتوبر سنة ١٩٢٢ ورأس تحريرها محمد حسين هيكل، وهي من أنضج الصحف المصرية من حيث دراستها للمباحث الداخلية والمسائل الخارجية، وقد حرر فيها نخبة من الكتاب المصريين كطه حسين ومحمد عزمي وتوفيق دياب وغيرهم.
وعن جريدة "السياسة" تؤثر نشأة التجديد في حياتنا الاجتماعية، فقد دافعت عن المرأة وجعلت موضوعها حديثًا يشغل بعض صفحاتها، كما أفردت لها بين آن وآن صحيفة مصورة تعني بمسائلها المختلفة، وعن هذه الجريدة عرف التهكم السياسي إن صح التعبير، في مقالات الدكتور طه حسين، كمنا ظهر النقد البرلماني عندما أصبحت الحياة الدستورية حقيقة واقعة، وكان صاحب هذا الباب الجديد في الصحافة المصرية الدكتور محمود عزمي، عدا الأبواب الأخرى التي حفلت بها، فقد عنيت بالقصة وموضوعها، وخصصت بين الفينة والفينة صفحة للشئون الزراعية ومسائلها المتباينة، وبهذا وبغيره كانت "السياسة" من أولى الصحف التي عرفت كيف تشغل المفكرين المصريين بمناهجها الجديدة.
١ Report of the Special Mission to Egypt, December ٩, ١٩٢٠