[الفصل الأول: منذ الحملة الفرنسية إلى قيام ثورة يوليو]
يكاد إجماع الفقهاء والباحثين ينعقد على أن المطبوعات، وفي مقدمتها الصحافة تجد في قانون المطبوعات الصادر في ٢٦ نوفمبر ١٨٨١ أول تشريع ينظم شئونها ويضبط مسائلها، ولا يعد هذا الرأي مبالغًا فيه إذا نظر إلى قانون سنة ١٨٨١ على أنه أول أداة تشريعية مصرية سايرت نشاط الصحافة وسائر المطبوعات في مختلف مراحلها فتعرضت للتحرير كما تعرضت للطبع والتوزيع والنشر، وإذا كان رأي هؤلاء الفقهاء صحيحًا من حيث اكتمال الأداة التشريعية بهذا القانون فإنه يكون يكون رأيًّا مبتسرًا من ناحية الأصول التاريخية، فإن المعنيين بشئون الصحافة وتاريخها يمكنهم أن يردوا تاريخ المطبوعات إلى عهد الحملة الفرنسية على مصر١، فقد عرفت البلاد في غضونها أول تشريع للمطبوعات أصدره بونابرت في ١٤ يناير ١٧٩٩ في صورة أمر احتوى على ست مواد أكمله الجنرال عبد الله منوفي في مرسومه الصادر في ٢٦ نوفمبر ١٨٠٠ الخاص بجريدة "التنبيه L Avertissement".
ثم أسس محمد علي مطبعة بولاق في سنة ١٨١٩ على صورة متواضعة تتصل بحياة الحكومة وحدها، فقد تكفلت بمطبوعاتها وهي عبارة عن كتب للدراسة والعلم لا تستوجب نظمًا أو لوائح وقوانين تحدد سياستها وتنظم أمورها فمضت شئون النشر فيها هينة إلى أن أخذت تتعقد أحوالها باتساع أعمالها وخطر آثارها بحيث أصبح من المتعذر أن تسير المطبعة على فطرتها أو تضطرد على طبيعتها ودعت الأحوال الجديدة إلى إصدار الأوامر ووضع اللوائح وسن القوانين وتحديد سياسة للطبع فيها ووضع نظام للرقابة على مطبوعاتها.
١ راجع هذا الموضوع في "تاريخ الطباعة والصحافة في مصر خلال الحملة الفرنسية" للمؤلف.