للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الصحافة خلال الثورة العرابية]

عزل إسماعيل وبقيت آثاره كلها، فالحكومة الشريفية قائمة بالحكم بعد تولية توفيق والأزمة المالية على ما هي عليه من الشدة والعنف والناس حيارى في أمر معاشهم مذهولون لقدرة الأجانب على خلع خديوهم، والصحافة تتولى وظيفتها فتشيع الخديو المعزول تشييعًا قاتمًا وتستقبل الخديو الجديد أحسن استقبال فتذكر للمصريين أن نفوسهم ستطيب وأن عيونهم ستقر وأنهم سيتخلصون "بذلك الطالع السعيد من شرك الاستبداد وربقة الاستعباد" وأن الوطن "سيسلم من المصائب التي حاقت به من فساد الرأي وسوء التدبير وطاعة الأغراض والشهوات، وينجو من شر فئة ألفت النفاق والتدليس وعودت التملق والتلبيس وطبعت على الخسة والدناءة وسعت في بيع الوطن بأبخس الأثمان"١.

ثم تحوط الصحف الخديوي الجديد على اختلاف نزعاتها وميولها برعاية لم يظفر بمثلها أبوه في أدق مواقفه، بيد أن هذه الرعاية يميلها الحس الصحفي الناضج العارف بواجباته الوطنية؛ فقد راوغ السلطان في إصدار فرمان التولية للخديوي توفيق فهبت الوطن بنزعتها المعتدلة ومرآة الشرق بتطرفها المعهود تدعوان معًا إلى صدور الفرمان، وتشكو معهما الصحف الأخرى هذا الإهمال الذي يبديه السلطان نحو مصر التي أدت له خدمات "تفوق طاقتها" وأن هذا الإهمال لقمين بأن يسيء إلى علاقات البلدين "ويوهن من ارتباطهما" ويهيئ سببًا للتدخل الأجنبي لا في شئون مصر وحدها بل في شئون تركيا أيضًا وهو يفتح بابًا ترجو أن يوصد فلا يضطر أمراء مصر إلى الاستنجاد بالأجانب لتقرير حقوقهم وحقوق بلادهم، ثم تطلب في حزم أن يصدر الفرمان مقررًا جميع الحقوق التي اكتسبتها مصر بفرمانات سابقة٢.


١ مرآة الشرق، في ٢٦ يونيه عام ١٨٧٩م.
٢ مرآة الشرق ٢٣ يوليو عام ١٨٧٩م.

<<  <   >  >>