وقد أخذت لجنة الثلاثين في وضع الدستور عقب تصريح فبراير ١٩٢٢ وهو الدستور الذي كان معمولًا به قبل يوليو سنة ١٩٥٢ والذي رضيته الأحزاب جميعًا وإن كان الوفديون قد حملوا عليه إذ ذاك، ولم يرض عن بعض مواده كثير من الأحرار الدستوريين، ولم تعجب بعض مواده الأخرى المحافظين والجامدين، وكان الصحافة المصرية تمثل هذه الاتجاهات جميعًا، وقد منحت من الحرية، -بالرغم من الأحكام العرفية- ما مكنها من شرح هذه المسائل الدستورية ونقدها، ولعل مسألة الدستور كان أهم الموضوعات التي حظيت ببحث الصحافة ورجالها منذ ثورة سنة ١٩١٩.
وإذا كانت "السياسة" جريدة الأحرار الدستوريين ولسانهم المعبر عنهم، فإن الوفد لم تكن له صحف رسمية بل كان له صحف وفدية من أهمها جريدة "البلاغ" لصاحبها عبد القادرة حمزة "باشا فيما بعد" وقد صدرت في سنة ١٩٢٣ "جريدة يومية سياسية أدبية تجارية" تتمثل بكلمات لسعد زغلول وتحمل على السياسة الإنجليزية في مصر وتمثل التطرف السياسي، وساهم في تحريرها الأستاذ عباس محمود العقاد أحد رجال الأدب المجودين، وأحد طلائع المدرسة الصحفية الحديثة، وقد جعل للناحية الأدبية في كتاباته حظًّا موفورًا، ونشر فيها محمد نجيب الغرابلي بعض القصائد في المناسبات العامة.
ويجب أن يذكر لعبد القادر حمزة نصيبه الموفور في نهضة الصحافة المصرية، فقد كان من القلائل الذين انخرطوا في هذه المهنة من أهل العلم والمعرفة، فهو من الطلائع التي تخرجت في كلية الحقوق سنة ١٩٠٣، وكان على صلة قريبة من النشاط الصحفي في أثناء الدرس والطلب فكتب "للجريدة" عدة مقالات، ونشأت بينه وبين محررها أحمد لطفي السيد علاقات من الود والتقدير، فقد كشفت مقالاته عن مواهب يعتز بها وتبشر بخير في العالم الصحفي لهذا الشاب وهو في مطالع العمر وعلى عتبات الجهاد.
وبعد أن أمضى عبد القادر حمزة عدة سنوات محاميًا ومحررًا في صحيفة "الجريدة" تولى رئاسة تحرير جريدة "الأهالي" في الإسكندرية، وكانت