عنف وقسوة١ وتناقلت الصحف الأجنبية في مصر مقالتها بالتحبيذ وشاركتها في شعورها نحو المصريين، ويذكر "المؤيد" أن أنهرها قد "فاضت بأنواع العدوانات والسفاهات ضدهم وضد المصريين كافة وضد الإسلام والمسلمين عمومًا وذهبت كل مذهب في المطاعن والشتائم".
ويخيل إلى الباحث أن أمر الخلاف قد انحسم بهذا المقال، غير أن المؤيد تطلع علينا بمقال لعله المقال الوحيد الذي أسف فيه صاحبه، فقد حملت على الأجانب ثم اتجهت إلى "أمة الطليان أخس الأمم وأدناها وأسمجها وأسفلها" وهو يسخر من تاريخ هذه الأمة التي زهت به صحف مصر الإيطالية، وتعقد مقارنة بين تاريخ إيطاليا وتاريخ مصر الذي يرد إلى أصلين عظيمين فإما أن تنسب إلى المصريين القدماء وتاريخهم أقدم من الرومانيين، وإما إلى العرب وفضلهم على الأوربيين لا يعادله ولا يدانيه مدان".
ومهما يكن من أمر هذه الأزمة بين المصريين وصحافتهم فإن "المؤيد" كانت في طليعة الصحف المصرية التي دافعت عن مصر أحر دفاع، وشاركتها الصحف الأخرى الصغيرة بأسلوبها العامي ولفتات ذهنها الساخرة الماجنة، ومن أطرف ما لوحظ على هذا الجدال أن مصر الفرعونية ذكرت بالخير خلال النقاش وهي لفتة تعمدت الصحافة المصرية جميعًا أن تنكرها في كل جهادها منذ الاحتلال البريطاني وحرصت ألا تؤلم الباب العالي بتقوية الصلات بين مصر التركية الإسلامية وبين مصر الوثنية الفرعونية.
وبينما تقود المؤيد حملة المعارضة على الأجانب كان مصطفى كامل يستعيد في اللواء فكرة الحرية والدستور وهي مطالب ما كانت الصحف تطالب بها من قبل حيث كان اتجاهها العام إلى الجلاء ورجاء تحقيقه والإلحاح في الاستقلال أولًا وقبل كل شيء، وقد أهملت اللواء المجلسين التشريعيين ودعت إلى حياة دستورية صحيحة ترد غوائل الاحتلال وعوامل الاستبداد بالسيطرة