للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رده مهما تختلف نزعاتها السياسية واتجاهاتها العامة حتى لا تعطي المحكمة بعد المحامي فرصة لتأييد وجهة نظر المدعي وحط قدر الصحافة.

فإذا دافع الشيخ علي ومحاميه عن مهنته وعن علمه ردته المحكمة في ذلك جميعًا فهي ترى "أن صناعة التحرير لا تنهش دليلًا على العلم" ثم تقول عن الصحافة "وحيث إن حرفة الصحافة التي نسبها المدعي لنفسه قسمان، قسم يبحث في علوم وفنون مخصوصة وهي المجلات غير اليومية وهذه شرفها يشرف ما تبحث فيه وغزارته وهذه الصحافة لا يدعيها الشيخ علي لنفسه، وقسم لا يختص بموضوع مخصوص وهي الجرائد اليومية ووظيفتها إرشاد من تتكون منهم المملكة من الأفراد والعائلات والهيئة الاجتماعية والحكومة فهي معدة للإرشاد العام، وهذه الصحافة جليلة جدًّا لها أثرها في رقي المملكة من ناحيتها الداخلية والخارجية ويجب أن يتوافر في صاحبها أعلى أنواع الثقافة الاجتماعية والأخلاقية والسياسية كما يجب أن يكون على قدر من شرف النفس ونبل الضمير وأن يكون من أشد الناس محافظة على الكمالات والآداب حتى يمكنه أن ينفع بنصحه وأن يجمع الناس إلى رأيه فضلًا عن وجوب علمه بالسياسة الداخلية والخارجية" إلى أن تقول: "ولكن المدعي عليه لا يمكن أن يدعي لنفسه هذه الصحافة أيضًا، ذلك لتقلبه في المبادئ لغير سبب وتعرضه للشخصيات في ثوب المصالح العامة وسكوته عن بعض ما يلزم الكلام فيه لأغراض بعض من يهمه رضاؤهم، ولا نريد أن نعدد له ما فعل وكفى بهذه القضية وحدها دليلًا على ذلك، وعلى ذلك فالمدعي عليه ليس مشتغلًا بالصحافة قائمًا بها وإنما هو يشتغل بشيء يشبهها لأغراضه ملبسًا له ثوب الإرشاد والمصلحة العامة وهذا اشتغال بأخس الحرف وأدنئها، وعلى ذلك لا يكون محترفًا الصحافة وإنما هو يحترف حرفة أخرى دنيئة"١.

وقد حكمت المحكمة بعد صحة العقد، مع أن الشيخ السادات كان على


١ المقطم في ١١ أغسطس ١٩٠٤.

<<  <   >  >>