وقد أخذت الحكومة تتعب عبد القادر حمزة وقلمه، وهو يحاول استئجار صحف لينشر فيها رأيه ويعبر فيها عن رسالة الوفد، غير أن أصحاب الصحف خشوا على صحفهم فأحجموا عن معاونته، ولما لم يكن في مقدوره أن يستصدر ترخيصًا بصحيفة أخرى، استنبط فكرة تبعده عن سيطرة إدارة المطبوعات، فحاول أن يحقق رسالته في نشرات غير دورية لا تخضع لقانون المطبوعات، ووضع في ذلك أول نشرة في يونيه سنة ١٩٢٢ تحت عنوان "نداء الحرية" وعلمت الحكومة بذلك فأوفدت عيونها فجمعت من المطبعة هذه النشرة التي كانت تتهيأ للصدور، وأحرقوها فاضطر إلى التماس صحيفة سيارة، وحصل على ذلك باستئجار جريدة "الأفكار" ومضى يكتب فيها عدة شهور حتى ١٦ يناير سنة ١٩٢٣.
في ذلك الوقت كانت الأمور قد تغيرت، وبدأت الحياة السياسية تميل إلى الهدوء والاستقرار، وبدا في الجو يعاون أمثال هذا القلم على مناقشة المسائل في اتزان، فاستصدر صحفينا ترخيصًا بإصدار البلاغ اليومية التي مضت تؤدي رسالتها إلى الأيام الأولى من قيام ثورة ١٩٥٢، وقد صدر العدد الأول منها في ٢٨ يناير ١٩٢٣، ويبدو أن صاحب البلاغ كان متفائلًا بالعهد وأصحابه فإنهم لم يحتملوا هذا القلم العف، وهو قلم "موضوعي" إن صح التعبير، ولكنه واضح ومن شأنه أن يهز أركان الاستبداد والاستعمار بوضع النقط على الحروف كما يقولون، لذلك لم يطق أصحاب الشأن البلاغ وصاحبه فصدر الأمر بإغلاق الجريدة واعتقال صاحبها في ٦ مارس ١٩٢٣ فإذا أخلى سبيله بعد قليل، وعز عليه إصدار البلاغ من جديد استأجر جريدة "الرشيد" وحررها ابتداء من ٢٠ مايو ١٩٢٣ إلى أن أذن للبلاغ بالعودة إلى الظهور، فصدرت مرة أخرى في أربعة صفحات في ١٨ يونيه ١٩٢٣، ومنذ ذلك اليوم أخذت البلاغ تتطور شكلًا وموضوعًا، ولولا الحرب الكبرى الماضية التي حدت النشاط الصحفي، ووقفت اتساعه لكانت "البلاغ" من كبريات الصحف الحزبية العالمية.