المعاصرة عن حقوق الفتاة المصرية في التعليم وغيره من مظاهر الحياة الرفيعة، غير أن المرأة حاولت مرارًا أن تأخذ على عاتقها حق الدفاع عن كيانها ومهدت لها الحركة الوطنية ذلك الأمر بعد أن ساهمت بنصيب ملحوظ فيها، وقد ظهرت في عالم الصحافة النسائية "فتاة الشرق" للبيبة هاشم و"حواء الجديدة" لروز حداد، و"المصرية" لهدى شعراوي، ولكن هذه الصحف جميعًا أصابتها أزمات اقتصادية متصلة فعجزت عن الصدور ولكنها نجاحها يتمثل في الحقوق التي اكتسبتها الفتاة المصرية في التعليم وبعض وظائف الدولة، وقد ورثت مجلة "بنت النيل" لصاحبتها الدكتور درية شفيق هذه الصحف جميعًا، ومضت تؤدي رسالتها هي وزميلتها الفرنسية La Femme Nouvelle في خدمة قضايا المرأة ملحة في أن تكون لها جميع الحقوق التي للرجال وفي مقدمتها الحقوق السياسية، وهي حق الانتخاب، وحق الترشيح لعضوية المجالس النيابية، وحق تولي الوظائف العامة كمنصب الوزيرة ووكلاء الوزارة ومديري العموم، وقد تحققت هذه المطالب جميعًا بعد قيام ثورة يوليو، ولكن "بنت النيل" أغلقت حيث اختلفت صاحبتها مع النظام الناصري بعد حرب ١٩٥٦.
عرضنا في هذا الفصل وفي الفصول السابقة التفاصيل التي اتصلت بنشأة الصحافة المصرية وتطورها، عرضنا لهذا التاريخ وخلصنا من هذا العرض ببضع حقائق ذكرناها في موضعها، ويجدر بنا ونحن نختم هذا البحث أن نقرر ثلاث مسائل صاحبت الحياة الصحفية في جميع مراحلها، فأول ما يؤكده لنا تاريخ هذه الصحافة أنها عاشت في أعطاف فكرتين، الحركة العربية والقومية المصرية، ولم تسبق الأولى الثانية أو تطغ عليها قط، فالصحافة الرسمية في عهد محمد علي إما صحافة لمصر وحدها أو صحافة لمصر وتركيا معًا، وكذلك كان الأمر في تلك الصحافة في عهد الخديوي إسماعيل وإن غلبت الفكرة المصرية فيها كل فكرة أخرى، ثم لاحظنا أن الصحافة الشعبية مزجت بين القومية العربية والقومية المصرية وخاصة في أواخر عهد إسماعيل وطوال حكم توفيق،