إلا أن يسحب مشروعه لتقف حملة الوفديين على حكومة الوفديين.
ونختم هذا الفصل من تاريخ الصحافة المصرية بموقف عظيم وقفته الصحف والحكومة والأحزاب المعارضة معها، وهو إلغاء المعاهدة المصرية الإنجليزية التي وقعتها جبهة وطنية مع الإنجليز في سنة ١٩٣٦.
وقد ألهب شعور المصريين ما صدر من بيانات عن وزير الخارجية الوفدي الذي حمل حملة شعواء على الإنجليز بمناسبة قطع المفاوضات التي أبى الإنجليز أن ينصتوا فيها بالمودة لطلبات المصريين التي كان أهمها الجلاء عن قناة السويس، فقامت المظاهرات الصاخبة في أغسطس ١٩٥٢ وهو الشهر الذي وقعت فيه المعاهدة المذكورة.
وفي ٨ أكتوبر ١٩٥١ اجتمع مجلسا البرلمان "النواب والشيوخ" على هيئة مؤتمر، وألقى النحاس باشا رئيس الوزراء بيانًا مستفيضًا عن سياسة الحكومة بشأن معاهدة ١٩٣٦، ثم أعلن إلغاء هذه المعاهدة كما ألغى اتفاقتي ١٩ يناير و١٠ يوليو ١٨٩٩ الخاصتين بإدارة السودان، ثم نادى بملك مصر ملكًا على مصر والسودان، وختم النحاس بيانه بل قل أحسن الله إليه فختم تاريخه حين قال:"من أجل مصر أبرمت معاهدة ١٩٣٦ ومن أجل مصر أطالبكم اليوم بإلغائها".
وعقب هذا البيان تألفت جماعات مسلحة قاد بعضها ضباط من الجيش أخذت تهاجم معسكرات البريطانيين في منطقة القنال حتى أضجت مضاجعهم وانضمت الحكومة إلى الثوار، وبدا ذلك واضحًا فيما قامت به وزارة الشئون الاجتماعية التي تدعت العمال الذين في خدمة المحتل في القناة إلى الانسحاب من مواقعهم ثم عينتهم في الوزارة، وقد لبى العمال هذه الدعوة وافتقد الإنجليز هذه الدعامة القومية التي كانت تيسر لهم البقاء في القنال.
وفقد الإنجليز أعصابهم وطلبوا من المسئولين المصريين في الإسماعيلية إخلاء المحافظة، فرفضوا ووقف جنود الشرطة يذودون عن بناء المحافظة