القيادة العامة، وجاءوا بعلي ماهر رئيسًا لمجلس الوزراء، وتكونت وزارته من وزراء معظمهم من خصوم الوفد أكبر الأحزاب المصرية، وكانت هذه أول الأخطاء التي وقعت فيها الثورة، وتوجس الناس شرًا من هذا الاتجاه الذي أبعد الثورة عن الكتلة الشعبية العريضة التي يمثلها الوفد.
ثم ظهر الضباط الأحرار في الصورة بعد بعضة أشهر لم يكن الناس يعرفون منهم إلا اللواء محمد نجيب وهو ضابط عظيم ومحارب مشهور، له جولات موفقة في حرب فلسطين، وكان على خلاف شديد مع البطانة الملكية، وقد انتخب رئيسًا لنادي الضباط رغم أنف الملك وحوارييه، وباسمه أعلنت الثورة صباح ٢٣ يوليو، وكان لاسمه رنين يطمئن الشعب والأجانب على حسن الخواتيم.
ثم أخذت الثورة -بتأثير من الوزراء الذين لا تربطهم بالشعب صلة- تسن القوانين الانتقامية، وتؤلف لها المحاكم الثورية، وأخذت في فصل خيار الموظفين والمعلمين وأساتذة الجامعات، وهذه أمور لم ترض عنها الصحف التي ساندت الثوار قبل قيام الثورة وبعدها، وفي مقدمتها جريدة المصري لسان حال الوفد، وخاصة بعد أن أعلنت الثورة -بتحريض من وزرائها المعزولين عن الشعب- مخاصمتها للنحاس باشا، ومطالبتها بتنحيته عن رئاسة الوفد.
وقد أصدر بعض الضباط الأحرار مجلة يهدفون منها أن تدافع عن الدستور والحياة النيابية وسموها "مجلة التحرير" وأشرف عليها أول الأمر الضابط أحمد حمروش ثم ثروت عكاشة وهو ضابط مؤهل صحفيًّا حيث درس ثروت المهنة في معهد التحرير والترجمة والصحافة بجامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة فيما بعد" غير أنه نُحّي عن عمله الصحفي ذاك، وأسند العمل في المجلة إلى الضابط صلاح سالم وهو يجهل المهنة ومحدود الثقافة وانحرف بها إلى عكس الغرض الذي أنشئت من أجله.