للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والواقع أنه كان ينبغي على المشرع ومصر تنتهج سياسة الانفتاح الاقتصادي ألا يقحم مجلس الصحافة الأعلى على تفصيلات اقتصاديات الصحافة التي أصبحت صناعة ضخمة لا يقدر على رسم سياستها وتنفيذها، وعلى تنظيمها وإدارتها، إلا أناسًا تمرسوا بها علمًا وعملًا، أناسًا يعرفون دقائقها وخصائصها ووسائل تحقيق أهدافها بأقل تكلفة اقتصادية للصناعة ذاتها وللمجتمع وكان على المشرع أن يقصر دور المجلس في الإدارة الصحفية على الكليات، غير أن المشرع أن يقصر دون المجلس في الإدارة الصحفية تاركًا تلك الكليات على ما لها من أهمية بالغة، وبرغم إهمالها يوم أن كان الاتحاد الاشتراكي العربي يمتلك الصحافة، وكان غيابه هو العامل الذي انحدر بالإدارة الصحفية إلى ما وصلت إليه الآن: غياب يكاد يكون تامًّا لكل عناصر العمل الصحفي المشترك الذي بدونه، والعالم في منعطف القرن العشرين، لا يمكن لصناعة تستمد قوتها الاقتصادية من طبيعتها التي لا تسمح له بالتجزئة أن تنمو وتتقدم.

ويخطئ من يعتقد أن هناك انفصالًا بين الإدارة الصحفية وحرية الصحافة فالعصر الذي كان يستطيع فيه التحرير الانفراد بالسيطرة على المنشآت الصحفية وتقوم كل واحدة من أجهزة الإعلانات، والمطابع والتوزيع بدورها فيها بمنأى عن الأخرى عصر قد انقضى.

ولم يعد هناك مجال لانقسام المنشأة الصحفية إلى أجهزة متنافرة تعتبر كل واحدة منها وحدة منفصلة عن الأجهزة الأخرى، تعمل في واد وتعمل الأخرى في واد آخر، وأصبح لزامًا أن يحل محل ذلك التعاون والتناسق حتى يمكن للصحيفة أن تبقى وتؤدي رسالتها على الصعيد الإقليمي وعلى الصعيد القومي.

ومن أجل هذا كله وجدت الإدارة الصحفية لكي تجمع شمل هذه النواحي المختلفة حتى تكون منها كيانًا واحدًا يستطيع أن يحقق الأهداف التي قامت الصحيفة من أجلها لخدمة المجتمع ممثلًا في هيئة مستهلكين ومعلنين، حكومة وأفرادًا، مشترين وبائعين، وما شاكل ذلك من مجموعات متكاملة.

<<  <   >  >>