ثالثًا: إن جميع القوانين التي صدرت بشأن الصحافة منذ سنة ١٩٦٠ إلى اليوم تتجه إلى تقييد حرية الصحافة وحرية العاملين فيها، ومن لا ينصاع للتوجيه النازل إليه من "فوق" ينقل إلى غير مجاله أو يلزم بيته ليتلقى راتبه المرموق أول كل شهر بلا عمل يؤديه.
رابعًا: إن الصحافة مهنة حرة كالمحاماة، يجب أن تنحصر رقابتها في هيئة من العاملين فيها وهي موجودة من عشرات السنين تحت اسم نقابة الصحفيين وهي الكفيلة بتأديب وتبكيت من يخرج على شرف المهنة من الصحفيين.
خامسًا: إن القوانين التي صدرت حدت من وجود كفاءات جديدة وحدت من إبداع الكفايات القديمة؛ لأن العمل داخل إطار محدود وفي جو من قوانين رادعة على أتفه الأسباب، تجعل الأفكار النيرة تخبو وتنشد السلامة فلا تغامر برأي سديد أو فكر رشيد.
سادسًا: إن اعتبار الصحفيين في صحف الحكومة موظفين كسائر موظفي الدولة بجعل تقاعسهم ملحوظًا في أداء الواجب، أسوة بما هو مشهود ومعروف في الدواوين والوزارات، وآية ذلك أن مئات من الصحفيين الذين يعملون في دار أخبار اليوم والأهرام وغيرها لا يناطون بعمل وإن كان رزقهم بالراتب موصول.
إن الصحافة لم تكن حرة قط إلا في أيدي الأفراد والجماعات، وإن خشي المسئولون أن تكون عامل ابتزاز ويغري أصحابها متاع الدنيا فيمكن مراقبة مصادرها المالية فلا تشتري ذمتها هيئة أجنبية أو ينحرف بها فيض الإعلانات، وإن حدث شيء من هذا حق عليها العقاب بالوقف أو الإغلاق، وحق على المسئولين عنها المؤاخذة بالسجن أو الإعدام.
أما تحويل الصحافة بالقانون إلى مؤسسات تتبع الدولة فلن تكون في ضمير الشعب إلا وريقات رسمية تشبه الوقائع المصرية في أحسن الظروف، ونادرًا ما كانت الوقائع صحيفة رأي أو منارة من المنارات.